وصل العاهل المغربي الملك محمد السادس اليوم الثلاثاء إلى مطار جدة الدولي في المملكة العربية السعودية، متدثرًا بلباس الإحرام بنية أداء مناسك العمرة، وفق ما ذكرته مصادر سعودية مطلعة، أكدت أن الملك المغربي سيجري في جدة مباحثات مطولة مع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، إذ سيتناولان سبل تعزيز الأواصر الاقتصادية بين المملكتين، وتوثيق علاقات الأخوة والتضامن التي تجمع بينهما.
بلاغ ملكي
وفي أعقاب انطلاق الملك محمد السادس من مطار الرباط اليوم، أصدر الديوان الملكي المغربي بلاغًا ذكر أن المباحثات بين العاهلين الشقيقين ستتناول تطبيق شراكة استراتيجية أبرمتها المملكة المغربية ومجلس التعاون الخليجي في العام 2011، تشمل مجالات اقتصادية واستثمارية عدة، على رأسها تقديم هبات مالية ترصد لتنفيذ مشاريع تنموية وطنية، تصل مساهمة اللملكة العربية السعودية منها 1,250 مليار دولار، تمتد بين العامين 2012 و2016.
وتأتي الزيارة الرسمية التي يقوم بها الملك المغربي للسعودية، برفقة وفد اقتصادي رفيع المستوى، يتكون من وزير الخارجية سعيد الدين عثماني، وعدد من الوزراء، وكبار المسؤولين في الحكومة المغربية، في إطار تثبيت الشراكة المتقدمة بين المغرب ودول مجلس التعاون، التي تشكل المساهمة السعودية الاستثمارية عمادها الأساس، وتعزيز التضامن الفعال بين الطرفين، بحسب وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
هذا التضامن لم يشكُ يومًا من اي فتور، ويتوافر لدى الجانبين اليوم إرادة مشتركة للتركيز على الجانب الاقتصادي٬ في وقت أضحى فيه التعاون من أجل التنمية محددا أساسيا في العلاقات الدولية، حيث أن مستقبل الأمم سيبنى، من الآن فصاعدًا، على قاعدة العلاقات الثنائية أو متعددة الأطراف.
وتستمر المباحثات بين العاهلين المغربي والسعودي على العلاقة المميزة بينهما، خصوصًا أن للملك عبد الله حضور دائم في الحاضرة المغربية، من خلال وجوده فيها فترات متقطعة من الزمن. وهذه العلاقات تحدّت، بحسب بلاغ الديوان الملكي، إكراهات البعد الجغرافي، وخطت خطوة متقدمة خلال السنة الماضية بفضل شراكة إستراتيجية بين المغرب والخليج، توجت بمنح المغرب هبات بقيمة خمسة مليارات دولار.
نقاش اقتصادي مفتوح
من الجانب السعودي، أكدت مصادر مطلعة على تفاصيل الزيارة الملكية المغربية الأهمية التي تكتسيها هذه الزيارة، واصفةً العلاقات بين الرياض والرباط بانها "تاريخية ومتجذرة".
كما ذكرت أن الزيارة ستكون "فرصة لمناقشة ملف العلاقات الثنائية السعودية - المغربية، والوضع في المنطقة العربية، في هذه الظروف الدقيقة التي تتطلب تشاورًا بين العاصمتين حول إيجاد الحلول لقضايا المنطقة والأمة الإسلامية.
وأكدت المصادر أن العلاقات بين السعودية والمغرب ليست مستجدة، إنما هي علاقات قديمة ومتأصلة في الشعبين والقيادتين، مشيرةً إلى وجود تطابق في الآراء بين العاهلين إزاء جميع المسائل ذات الاهتمام المشترك.
وفي الجانب الاقتصادي للزيارة، عزفت المصادر السعودية والمغربية مجتمعة عن الافصاح عن إي معلومات متعلقة باحتمال بحث مسألة ضمّ المغرب إلى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي، بالرغم من الاستثمارات والهبات الخليجية التي وضعت في تصرف المغرب. وقالت: "جميع القضايا مفتوحة للنقاش خلال الزيارة".
مجالات التعاون
وفي تصريح لوكالة الأنباء المغربية الرسمية، أكد محمد بن عبد الرحمان البشر، سفير المملكة العربية السعودية بالرباط، أن العلاقات المغربية السعودية تشكل نموذجًا للعلاقات العربية العربية.
لكن هذه العلاقات، بما فيها الاستثمار، تبقى دون طموح البلدين سواء على مستوى القيادتين أو الشعبين، عازيًا ذلك إلى بعد المسافة بين البلدين، "لذلك فالمنتجات المغربية تجد في الأسواق الأوروبية أقرب منفذ لها وأفضل وجهات في ما يتعلق بالأسعار، بالإضافة إلى وجود تقصير من الطرفين في خلق بيئة إعلامية كافية لتشجيع المستثمرين في كلا البلدين وتطوير المبادلات التجارية"، بحسب تصريح البشر لوكالة الأنباء المغربية.
وأضاف السفير البشر : "عدم وجود خط بحري مباشر بين المملكتين السعودية والمغربية وراء ضعف التبادل التجاري". مؤكدًا أن هذا الموضوع يتم دراسته حاليًا من قبل الجانبين لتأسيس شراكة اقتصادية وتحالف استراتيجي يخدم مصالح البلدين. وأشار البشر إلى وجود مجالات جديدة وواعدة تساهم في تعزيز التعاون القطاعي بين البلدين، مذكرًا بحصول شركة سعودية أخيرًا على رخصة استثمار الطاقة المتجددة بالمغرب، ما من شأنه تكريس هذا التعاون لخبرة المملكة العربية السعودية في هذا المجال، إضافة إلى أن قطاع المعادن مجال خصب يمكن للبلدين تطوير التعاون الثنائي في إطاره، والميدان الزراعي الذي يمكن للمملكة العربية السعودية أن تستفيد ضمنه من الخبرة المغربية المتميزة٬ إلى قطاع التعليم الذي يشكّل مجالًا رحبًا للتعاون بين البلدين.
سوريا الأزمة
بالإضافة إلى ذلك، يتبادل العاهلان وجهات النظر حول القضايا الراهنة التي تهمّ الأمة الإسلامية وتطور الوضع في العالم العربي، خصوصًا بعد عدوى الربيع العربي التي انتقلت إلى خمس دول عربية حتى الآن.
كما يجريان مباحثات مستفيضة، تتناول الأزمة المستفحلة في سوريا، والسبل الكفيلة بوقف حرب الإبادة التي يرتكبها نظام بشار الأسد ضد الشعب السوري، وتطورات الساحة الفلسطينية، والمستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
إيلاف