تغير المجتمع المغربي بطريقة سريعة ظهرت معها الكثير من السلوكات الغريبة عنه، كالازدواجية في الخطاب والسلوك والتي أصبحت تسيطر على الكثير من الناس، وسائدة في الكثير من المواقف التي يقول فيها الناس ما لا يفعلون. في الحوار التالي يقربنا الطبيب والمحلل النفسي عبد الله زيوزيو من مظاهر هذه الازدواجية ويقدم تحليلا نفسيا للأشخاص الذين يمارسون هذه السلوكات.
لماذا يعيش بعض الناس بازدواجية الشخصية من حيث الخطاب والسلوكات؟
على العموم لا يمكن اعتبار الأمر بمثابة ازدواجية الشخصية، لكن ما نلمسه هو أن القيم الأساسية للمجتمع تغيرت، فلم يعد الإنسان يحترم القوانين، حيث أصبح الإنسان الذكي هو الذي لا يحترم القانون، ويغش في الامتحانات وغيرها وهذا الأمر يخلق ازدواجية لأن الإنسان يحاول أن يقنع نفسه والمحيطين به بأنه شخص ملتزم بالقوانين في الوقت الذي يوجه فيه تفكيره كاملا نحو كيفية القيام بتجاوز القانون، وهنا يمتلك الشخص خطابين، فيخاطب الناس بخطاب سطحي يظهره على أنه شخص ملتزم بالقوانين، في حين أن حقيقته شيء آخر، فتكون تصرفاته مليئة بالتناقضات أي أنه يقول ما لا يفعل.
تخلق هذه السلوكات الكثير من الإشكاليات فالطفل حين يرى والده يمارس هذه الممارسات والسلوكات ينقلها عنه ويمارسها هو أيضا، وتصبح جزءا من شخصيته، لذلك يمكن القول إن هذا السلوك ناتج عن أزمة تربية سواء داخل البيت أو الأسرة أو المجتمع.
كيف يمكن إيجاد تبريرات لهذه الفئة من الناس الذين يقولون ما لا يفعلون؟
حقيقة لا يمكن إيجاد أي تبرير لهذه الفئة من الناس الذين يقومون بمثل هذه السلوكات والتصرفات، فالتغير السريع الذي عرفه المجتمع، واكبه تغير سلبي على مستوى التفكير، وتحقيق المصالح الشخصية حتى على حساب الآخر، وللأسف هذه الحالات لم تعد قليلة وتعد على رؤوس الأصابع، وإنما أصبحت هي السائدة في المجتمع والأفراد يتعاملون بهذه السلوكات التي أصبحت مشكلة مجتمع بكامله، وعقليات تطورت بشكل سلبي وليس بشكل إيجابي، مما يؤثر على مستقبل المجتمع ككل.
ما هي انعكاسات هذه السلوكات والازدواجية في التعامل على علاقات الأفراد فيما بينهم؟
ازدواجية الشخصية في التعامل مع الآخرين ينتج عنها الفردانية المرضية، التي تجعل الشخص لا يفكر إلا في نفسه وفي مصالحه وليس في الآخرين، حيث يضعف العمل التضامني ويقل، مما يخلق نوعا من التشنج في العلاقات بين الأفراد، لأن كل واحد يصبح شغله الشاغل هو كيف يغش الآخر ويخدعه وهذا له تأثير سلبي على جميع جوانب الحياة اليومية فالكثير من الناس يدعون حصولهم على شواهد وهم في حقيقة الأمر لم يحصلوا عليها، كما يدعون انحدارهم من طبقة اجتماعية معينة، وحقيقتهم غير ذلك، ويترتب عن هذا الأمر الكثير من الأمور التي تكون لها تأثيرات اجتماعية واقتصادية وحتى نفسية، لأن الشخص يشعر بعدم الاستقرار، وعدم الثقة، وهذا ما يمكن أن نلمسه في الشارع حيث يلاحظ انعدام الأمان والطمأنينة وراحة البال التي كان يتمتع بها الناس في الماضي، لكن بالرغم من ذلك لا يجب أن نعمم فمازال هناك أناس يتمتعون بالقيم والأخلاق، التي مازالت تشكل بصيص أمل عند الناس.
حاورته مجيدة أبوالخيرات.
محلل وطبيب نفسي.
الأحداث المغربية.