لا أحد يحاكم نوايا الإسلاميين الذين صعدوا إلى السلطة في دول الضفة الجنوبية لحوض البحر الأبيض المتوسط، إلا بالقدر الذي أظهر به هؤلاء سوء النية، ورغبة جامحة في الانتقام باسم محاربة الفساد.
وفي المغرب لم تنتظر الحكومة الملتحية طويلا إذ سارعت بمجرد تنصيبها إلى نشر لائحة المستفيدين من مأذونيات النقل بواسطة الحافلات عبر المدن، و كانت تعتزم نشر المزيد من اللوائح، لولا أنها اكتشفت أن النشر لم يؤت المفعول السحري، الذي راهنت عليه، بعد أن عارضته بعض مكونات الأغلبية، وأدى الكثير من الناس سمعتهم ثمنا لتشابه الأسماء أو لاستثمارهم في القطاع...
كما لم يخف وزراء من الفريق "الملتحي" نيته في القضاء على المهرجانات، ومحاربة حرية الفن والإبداع مما جعل المجتمع يتوجس خيفة مما تخبأه لهم نوايا الإسلاميين.
ففي مصر أصدر الإخوان المسلمون فتوى تقضي بإهدار دم كل من نزل إلى الشارع للتظاهر ضد "الرئيس" الذي وصل إلى الحكم على لحى الإخوان، وفي تونس انتظم الإسلاميون في ملشيات حلت محل الأمن، وشرعت في تخريب الحانات وإغلاق الوحدات السياحية...
هذا فيض من غيض... وبالتالي فإنه لا معنى لكي يندد رئيس الحكومة السيد عبدالإله بنكيران بما أسماه "محاكمة نوايا" الإسلاميين من طرف بعض الدول الغربية، لأن تلك الدول تراقب الوضع عن كثب، وقد فقدت فرنسا، مثلا، أحد مواطنيها (مستشار جماعي) الصيف الماضي، بتونس، على أيادي "الإسلاميين"، فلماذا لا يحاكم الغرب هذه النوايا مادامت يد البطش امتدت لمواطنيه لمجرد أنهم اختاروا قضاء فترة استجمام في أحد شواطئ الضفة الجنوبية للمتوسط.
لا أحد ينكر أن الديمقراطية تقتضي احترام صوت الشعب، لكن على الذي بلغ "سدة" الحكم أن يحترم بدوره إرادة الشعب مادام عدد الذين صوتوا عليه لا يتعدى 13 في المائة من مجموع الناخبين.
رشيد الانباري