من الطبيعي أن يحاول كل إنسان أحس بالغرق أن يتمسك بأي قشة تطفوا على سطح الماء أمامه...هذا هو وضع جماعة الشيخ عبدالسلام ياسين التي تعيش، برأي العديد من المراقبين، أيامها الأخيرة في أفق اختفائها تماما برحيل الشيخ الذي بلغ عتيا ( رغم أن الأعمار بيد الله)، الذي لم تمهله عوادي الزمن للخروج برؤيا جديدة تنعش السراب الذي ظل يطارده منذ سنوات .
فمريدو صاحب القومة وبعد أن شعروا أن غبار الزمن أخد يتراكم على بدعهم خرجوا بالإعلان عن تجديد هيكلهم المتلاشي، في محاولة للإيحاء أن الجماعة لن تنقرض برحيل شيخها.
إنها خطوة طبيعية يمكن أن يقدم عليه أي شخص أو جماعة أحست أن ساعتها قد أزفت ولا سبيل لها بالبقاء بين الفاعلين السياسيين في بلد قررت كل مكوناته السياسية والمجتمعية الانتقال في إطار من التوافق والسلم الاجتماعي إلى عهد ديمقراطي مبني على دستور جديد ينظم العلاقة بين السلطات ويحدد اختصاص المؤسسات .
طبعا هذا المسار السليم لا يخدم رؤى وأحلام شيخ القومة ومريديه، وبدا لهم أن الطوفان الذي بشرهم به شيخهم لم يجرف إلا أحلامهم وحولهم إلى عطشى يسعون وراء سراب يعتقدون أنه سيروي عطشهم . فاخذوا في التنقيب عن أي فرصة لإثارة الانتباه الإعلامي فكانت بدعة تجديد ما يسمى بالدائرة السياسية للجماعة ثم إثارة قضايا حقوق الإنسان التي لم تكن في يوم من الأيام ضمن أجندتهم القائمة على قمع الرأي المضاد ومعاقبته إن اقتضى الأمر بعد اتهامه بالردة والكفر .
في هذا السياق نجد هرولة الجماعة نحو المقرر الأممي لمناهضة التعذيب خوان مانديز في زيارته الأخيرة للمغرب ليسوقوا مأساة الشاب كمال العمري . الشاب الذي توفي بعد أيام من إصابته بجروح خلال الحراك الشعبي الذي عرفته مدينة أسفي السنة الماضية . ورغم أن أسرة الراحل تبرأت من الجماعة فان مريديه لم يجدوا ما يقدمونه للسيد خوان إلا جثة الشاب العمري للمتاجرة بها كملف لأحد ضحايا جماعتهم ادعوا أنه تعرض للتعذيب الممنهج المفضي إلى الموت .وهي حيلة لن تنطلي على السيد مانديز الذي خبر أساليب التعذيب لأنه كان أحد ضحاياه .
سيكون على الجماعة ابتداع أساليب جديدة للتضليل والافتراء لان الواقع يكذب كل ادعاءاتها من خلال ما يرصده من إصلاحات دستورية وإجراءات قانونية على جميع المستويات التنفيذية و التشريعية والقضائية لترسيخ دولة الحق والقانون وإقامة نظام ديمقراطي يضمن حق المواطن ومحاسبة المسؤول وطبعا هذا السياق لا يخدم كما أسلفنا مصالح المهرولين وراء سراب الأحلام والرؤيا .
رشيد الانباري