هما سيدتان الأولى مطلقة والثانية أرملة. تقطنان بالزنقة 5 المتفرعة عن شارع تامكنونت بالمدينة القدينة ببني ملال. أصبح مصيرهما مجهولا بعد إقدام الجهات المسؤولة مؤخرا على هدم كل الدور الآيلة للسقوط بالزقاق، بعد انهيار ثلاثة مساكن بالمكان شهر ماي الماضي، وتعويضها للمتضررين وباقي القاطنين، فيما استثنتهما من الاستفادة رغم أن وضع كلاهما في حاجة إلى المساعدة.
السيدة الأولى هي حفيظة أوهنو شابة مطلقة في العقد الثالث من عمرها، أم لفدوى (5 سنوات ونصف) وسي محمد (أربع سنوات). في السابق كانت تقطن بمسكن بزنقة القصب بالمدينة القديمة، لكن صاحب البيت حينما أراد بيعه، جلبها إلى منزله الثاني بالزنقة 5 بشارع تامكنونت منذ حوالي عشرة أشهر قبل حدوث الانهيارات. لم تكن على علم بأن المنزل الذي استقدمت إليه مهدد، كان همها هو وجود ملاذ يأويها وصبيتها، حيث أصبحت تدفع للمكتري مبلغ 600 درهم من أجرتها الشهرية كعاملة في «فيلتين» والتي تحدد في 1250 درهما.
بعد الانهيارت اعتقدت حفيظة، أنها ستستفيد مثل باقي سكان الحي، لكن اعتقادها لم يكن في محله «فالكل استفاد عازبات، أصحاب الملك، مكترون، أشخاص لم أكن أراهم من قبل في الحي،… إلا أنا» تشرح وهي تقف رفقة طفليها بباب بيتها الآيل للسقوط في أي لحظة. وبما أن البيت الذي يأويها وفلذات أكبادها، سينهار إن عاجلا أم آجلا، فهي مهددة بالتشرد، وفوق ذلك السلطات أمرتها بالإفراغ، فيما أجرتها الشهرية ومصاريف أبنائها الذين يدرسون بالروض و… لا تكفي للبحث عن غرفة للكراء لن تعثر عليها أصلا في ظل أزمة السكن ببني ملال.
بنفس الزقاق وعلى بعد أمتار قليلة فقط من بيت حفيظة، تقطن السعدية الساقي في بيتها الخاص المكون من طابق سفلي وعلوي. هذه السيدة هي أرملة تجاوزت السبعين من عمرها لها من الأبناء سبعة: خمس بنات تزوجن وولدان كانا يقطنان معها بالطابق العلوي، لكن بعد إحساسهما بخطر الانهيار، رحلا يفتشان عن الكراء. بقيت السعدية لوحدها تقاوم الزمن، وتتلقى بعض المصاريف البسيطة من أولادها المحدودي الدخل.
عند وقوع الانهيارت بالزقاق توصلت بقرار الإفراغ لأن البيت مهدد. طالبت بأن لا تستفيد هي، ويستفيد أبناؤها من البقع، لأنها لا تملك أموالا لتبني بها البقعة التي سوف تمنح لها، بالإضافة إلى أنها تعاني من مرض السكر والقلب وفي حاجة ماسة إلى الأدوية. لكن اقتراح السلطات، كان مخالفا لما تطلبه، حيث اقترحت عليها إما الاستفادة من بقعة في مكان بعيد وعليها بناؤها، أو هدم المنزل الآيل للسقوط والاحتفاظ بالبقعة، وكلا الحلين مران بالنسبة لها كأرملة عجوز تعاني من أمراض مزمنة.
ومثلما يتهدد حفيظة التشرد، يتهدد السعدية الساقي أيضا، التي هددت أنها في حال إفراغها، ستصب البنزين على كل أثاثها وتسكن في الشارع.
الكبيرة ثعبان