لم يفهم أحد، بما في ذلك أبعد الناس عن مهنة الصحافة، معنى إقحام عبدالعالي حامي الدين ضمن تشكيلة اللجنة المعهود إليها إعداد مشروع مدونة الصحافة والنشر، إلا إذ كان صديقه وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، يرغب في تبيض صفحته، التي لا تزال تحمل أثر دم محمد بنعيسى أيت الجيد، الذي ما فتئت عائلته تطالب وزير العدل والحريات مصطفى الرميد، بالكشف عن حقيقة اغتياله بالأيادي الآثمة للفصائل الاسلامية.
والواقع أن هناك الكثير من الأسماء التي تمتلك من الكفاءة ما يؤهلها لعضوية اللجنة، غير أن سي مصطفى أو المصطفيان معا، اتفقا على أن يمنحا حامي الدين عضويتها، وقد تجد هذه الخطوة تفسيرها في كون حامي الدين هو عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، وأنه الشخص الذي خلف مصطفى الرميد على رأس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت أحد المقربين من عبدالإله بنكيران، وفوق هذا وذاك أن الوزيرين المصطفيان أرادا أن يلصقا عينا لهما على طاولة اللجنة، تقوم بكل الأدوار الممكنة، وتجعلهما معا على اطلاع تام على تفاصيل ما يجري، من أجل اتخاذ الموقف المناسب في الوقت المناسب، وهو ما قد لا تقبله باقي الأطياف المكونة للجنة إعداد المدونة.
إن سجل حامي الدين ملئ بالثقوب، ولا شك أن تعيينه في اللجنة يروم سد بعض الثقوب الكثيرة بدءا من الاشتباه في الضلوع في اغتيال أيت الجيد ومرورا بـ "رعاية" معتقلي السلفية الجهادية، الذين تلطخت أياديهم بدماء الكثير من الأبرياء في إطار منتدى الكرامة، وانتهاء بالخرجات الإعلامية التي تهدف إلى التشويش على تنزيل الدستور، وبالتالي فإن اختيار عبدالعالي حامي الدين ليس اختيارا برئيا بل يحمل العديد من الرسائل، قد يكون بعضها ملغوما، وقابلا للانفجار في أية لحظة، خاصة وأن كبير العدالة والتنمية عبدالإله بنكيران، لم يتردد في العديد من المناسبات في مهاجمة الصحافة، وتصنيفها في خانة "الخصم" و "العدو".
إن التفاتة المصطفيين لحامي الدين تندرج في سياق "المصالح المسترسلة" كما يقول الفقهاء، حتى ولو اقتضى الأمر التخلي عن مبدأ "الرجل المناسب في المكان المناسب"
رشيد الانباري