محمد بن امحمد العلوي
شباط أمين عام ..
إن الديمقراطية لا تعترف بالنسب والحسب بهذه الفلسفة يبدأ حميد شباط سباقه نحو قيادة حزب الاستقلال و بها يعلن انتصاره،إنها مقولته و منها نبدأ معه و لا نقبل منه الآن أن يقول ضمنا أو علنا بأن الديمقراطية هي حالة من الإنتشاء بالمنصب و مطية سريعة أو ربما بُرَاقا يصل به إلى كرسي وثير يداعبه كولد صغير،هنا من الممكن أن تصبح دعوته للديمقراطية داء عضالا لا ينفع معه علاج . لا نقبل منه أن يكون مع الديمقراطية نظاما للحكم عندما يرتصف داخل قوالب المعارضة و يستخف بنتائجها في الوقت الذي لا تعطيه الحق في التسيير و التدبير.
الآن نقول بأن نسبك و حسبك يتمثل في خطتك الواضحة في العمل السياسي التي تعبد لك الطريق في الوصول حتما لما تصبو اليه كسياسي له خبرة صقلها عبر دواليب و منعرجات أقل ما يمكننا وصفها بها بأنها خطرة و ملتوية جدا ، فرالف والدو يؤكد هنا بقوله ” إن العالم يفسح الطريق لمن يعرف أين سيذهب” . الآن السيد حميد شباط يضع رجله اليمنى على أول درجات هرم السلطة في المملكة السعيدة و هو يردد الله اكبر الله اكبر بحصوله على كرسي الأمانة العامة لأقدم الأحزاب داخل البلاد حزب الاستقلال ذي 70 خريفا.هناك من شبهه ب"ليش فاليسا" الرئيس البولندي الأسبق و آخرون قالوا عنه الميكانيكي و لا أعلم هل هذا التشبيه فيه نوع من التقريع المبطن أو امتياز تاريخي يلصقونه بنقابي و سياسي ركب موجة التغيير كما الأول فحذار ممن يلصقون طوابع بريدية خارجية على أظرفة محلية لا تستقيم هنا المقارنة أبدا .
لقد عبَّر حميد شباط قبيل فوزه بمنصب الأمين العام خلفا لعباس الفاسي بمدى افتخاره بمسار حياته الذي بدأه بمهن بسيطة كان من خلالها قريبا من أبناء الشعب،وهناك من يعيبون عليه أنه لم يُحَصِّل تكوينا أكاديميا يؤهله لتحمل مسئوليات الحزب و ربما الوزارة. و قولنا له هنا بأن تكون أول أهدافك لا سلبية بحيث تكتب كهدف لك أنك لا تريد أن “تفشل” في مشروعك القادم ولكن أُكتب كهدف لك أنك “ستنجح” .صحيح أنك لا تملك دبلومات من أكبر الجامعات و المعاهد العالمية أو المحلية، وللمهتم حق التساؤل في هذه النقطة لكن يمكنك إدهاشنا بتحريك الدفة تحت شعارات دقيقة غير شعبوية و قابلة للتحقيق و لو بنسبة 25 في المائة و تراكم حسابات مهمة في رصيد الديمقراطية التي تنادي بها . الملفت للإنتباه هو تشبيه فوزك بمنصب الأمين العام ودخولك إلى المقر العام لحزب الإستقلال بيوم دخول ثوار ليبيا إلى باب "العزيزية" ، تشبيه غريب لكن معبر و توصيف لحالة فيه لمز وغمز.
لكن دخول باب العزيزية بليبيا كانت مقدماته متسمة بالعنف الشديد و الدموية في النتائج و نحن نرى و نسمع ما يحدث هناك، بالتالي كان التشبيه غير موفق سوى إذا وضعناه في خانة حدث و لا حرج أو تحت عنوان النشوة غالبة و اليوم عيد. من هنا لا يمكن الحكم على نتائج تجربة انتخابية أولى من نوعها داخل حزب دأب على تدبير أموره بسياسة التوافقات و تزكية عائلة آل الفاسي ، لابد إذن أن يتوجس خيفة من هم محسوبون على تيار عبد الواحد الفاسي رغم أن حميد شباط طمأنهم و أنه سوف يكون أمينا عاما لجميع الاستقلاليين، بموازاة مع ذلك فتعبيرات الأمين العام الجديد تعبر عن فلسفته في التسيير فها هو يعلن بأن زمن الفشوش قد انتهى و هذا الخطاب لا يدعو إلى الدهشة أو الاستغراب بقدر ما هو اتجاه طبيعي مع منحى التغيير الذي أراده شباط بالدخول بشكل عاصف يريد اكتساح طريقة التدبير القديمة.
إنتهى عهد الفشوش تعبير دارج بين جميع الفئات داخل المجتمع المغربي أطلقه السيد حميد شباط و تقال عندما يحين وقت المحاسبة و ينتهي زمن المحاباة والتصرفات الخرقاء التي لم ينجم عنها سوى المطبات و الرخاوة في التدبير و الخسارة في النتائج،و للكلمة مدلولها في التعبير عن الفشل الذريع والجهود الخائبة ، أما توقيت النطق بها فله مغزاه السياسي إذ جاء بعد أن اكتسح كل الموالين لشباط جميع مقاعد اللجنة التنفيذية الـمكونة من 27مقعدا مباشرة بعد انتخابه أمينا عاما. التعبير و التوقيت لهما عمقهما في تدبير العمل السياسي، ونتمنى أن يكون تعبير حميد شباط الجديد يصب في الخانة الكبيرة من العملية الديمقراطية التي نادى بها.فاللجنة التنفيذية الجديدة لحزب الاستقلال خالية تماما من وزراء في الحكومة بخلاف وزير الصناعة التقليدية المحسوب على التيار المناصر للأمين العام الجديد،وهناك من المراقبين الذي يتخوف من إنزال هؤلاء من حافلة الحكومة و إركاب آخرين ينهجون طريق حميد شباط لمجرد أنهم مناصرين و موالين ومن ثم يكون حميد شباط قد ضرب ديمقراطيته بالحداء الأيمن.
اليوم حميد شباط جاء من خلال تزكية صندوق الإقتراع ليجلس على الكرسي الذي صنعه المؤسس علال الفاسي ،و الذي قال في حقه الأمين العام الجديد بأنه من أبنائه بالتالي نُذَّكر السيد شباط بأن علال الفاسي كان زعيما لحزب الاستقلال قريبا إلى كل التيارات والمشارب، و كان يحظى بكثير من التقدير من خصومه قبل مناصريه. زد على هذا فقد كان نموذجا للسياسي المنفتح و النزيه الذي وضع دفاعه عن المبادئ و المقدسات و كان مدرسة في الوفاء و العطاء .إذن المسئولية ثقيلة و الممارسة لابد لها من يد فنانة و عقل بعيد عن القصف و الصخب فلا داعي للتذكير أيضبا بأن الوطن يحتاج إلى أكفاء في مجالهم أكثر مما يحتاج إلى مصارعين في حلبة الذيكة. تدعيم التنمية و محاربة العدو المتمثل في الفساد و الجهل و الفقر الروحي و المادي و تخليق المجتمع و محاربة الفكر الاقصائي و الضيق الأفق، كلها ميادين تشكل حلبة للتنافس الحر و النزيه و الابتعاد عن الأجندات السمجة و الثقيلة والشخصية هنا لا تهم الأسماء بقدر ما يهم محاسبة الأفعال. فالإستخفاف بالعدو التملق والصخب ينتج أسوأ كساد سياسي و اجتماعي فضلا عن الإقتصادي ،فالمملكة تحتاج إلى فكر و عمل من أجل بناء وطن أكثر إشراقاً وابتكاراً أكثر عدالة اجتماعية وبعيدا عن المزايدات الإنتخابية..
إنتهى الكلام.
إنها لازمة أبدعها أنصار حميد شباط للتعبير عن انتشائهم بديمقراطية يرون أنوارها بازغة و أوراقها قد بدأ اخضرارها، (شباط أمين عام .. إنتهى الكلام ) إذن عندما ينتهي الكلام يبدأ الفعل و العمل فمن أي نقطة ستبدءون يا ترى ؟