الفقيه عبد السلام متوكل عضو المجلس العلمي لإقليم النواصر وعضو الرابطة المحمدية للعلماء.
تناسلت مؤخرا العديد من حالات الوفاة بسبب تعرض بعض الناس للعلاج بطرق عشوائية من طرف أشخاص يدعون القدرة على العلاج من خلال الجمع بين استعمال القرآن والأعشاب والضرب. في هذا الحوار يظهر الفقيه عبد السلام متوكل الموقف الشرعي من التداوي بهذه الطرق، إضافة إلى مسؤولية الشخص في اختيار طريقة العلاج التي يراها مناسبة له بغض النظر عن كونها آمنة أو ضارة٠ كما يتحدث الفقيه عن حقيقة استعمال الضرب في العلاج، ويعرف بالأوصاف التي تحول دون وقوع الشخص بيد المشعوذين.
*ما هو الموقف الشرعي من الأشخاص الذين يحاولون استعمال المرجعية الدينية من أجل استدراج الناس للعلاج بطرق غير طبية، مثل الأشخاص الذين يدعون العلاج بالأعشاب والقرآن دون أن يكون لهم تكوين؟
** مجال التطبيب يستند إلى الدراسة وليس عن طريق التجربة خاصة أن الأعشاب تحمل موادا سامة ،لأن جميع ما في الكون يتكون من تركيبة تضم الشيء وضده وهو ما يمكن الوقوف عليه من خلال حديث النبي عليه الصلاة والسلام الذي أمر بغمس الذبابة إذا سقطت في الكأس حتى يبطل مفعول المادة السامة التي يحتويها الجناح الأول من خلال المادة المضادة التي يحتويها الجناح الثاني، وهو ما يؤكده الطب الحديث.
إذا القاعدة نفسها يتم استحضارها أثناء استعمال النبات، إذ لابد للشخص المعالج بالأعشاب أن يكون على دراية بها من خلال دراستها لمعرفة القدر اللازم لعلاج المريض، وهذه أمور لها مراجع لأن الطب له قانونه الخاص، لذا هذا الموضوع غير قابل للنقاش لأنه واضح.
*ماهي مسؤولية الشخص في اختيار طريقة علاجه، خاصة أن بعض الناس يتجاهلون التحذيرات حول خطأ بعض الممارسات على الرغم من تطور الطب في الآونة الأخيرة، يختارون طرق أي باب من أجل العلاج؟
** أولا يجب أن نعلم أن الإنسان المريض لا يعتقد أن العلاج بيد الطبيب، لأن الطبيب يكشف عن المرض ولا يستطيع أن يدرك عمقه ولا يضمن زواله، لذا نجد أن الطبيب لا يقتصر على دواء واحد، بل يلجأ إلى وصف جميع الأدوية التي تعالج الأعراض التي يقف عليها من أجل التخفيف أو طمعا في الزوال. وهنا يجب على المريض أن لا يطرق بابا آخر إذا يئس من العلاج لأن اللوم ليس على الطبيب، بل يجب أن يستمر في طلب العلاج من الطبيب حتى لو تعارض أمر الطبيب مع الشرع، لأن المريض يخضع للطبيب وليس للشرع. ومثال ذلك مسألة الصيام التي ورد فيها التخيير بالنص، غير أن الطبيب من الممكن أن يأمر المريض بعدم الصيام في حالة السكري مثلا، لعلمه أن المرض سيزداد عليه فيما بعد وليس بالضرورة أثناء صيامه.
هنا يجب على الشخص أن يدرك أنه أمام علمين، علم الفقيه، وعلم الطبيب، أما الفقيه حده حد علمه بالحلال والحرام، أما الطبيب فعلمه يقوم على تشريح الجسم وما يفيد الإنسان من أدوية، لذا يعطى الحق للطبيب. أما ادعاء البعض العلم بالأعشاب، فيرد عليه بأن الرخص تبنى على الدراسة التي يمتحن فيها الشخص لا على التجربة، اللهم إن قال الشخص أن له تجربة في غرس الأعشاب، لا في العلاج بها، لأن العلاج يستلزم الدراية بتركيبة كل مادة، ومعرفة أي جزء منها يحمل السم أو لا يحمله، وهذا أمر لا يتأتي حتى للطبيب العام، بل يقتصر على صيدلي الأعشاب.
من جهة أخرى يجب القول أن الخضوع لمستجدات الطب مسألة بديهية، لأن تطور الطب ليس بالمسألة المستحدثة، بل هو أمر قديم، وعلى سبيل المثال نجد أن الجراحة قبل كانت تتم بشكل دموي، بينما تغير الأمر وأصبح منح الرخصة لا يتم إلا من خلال إجراء الطالب لعملية بحضور الطبيب الذي يشترط عليه أن لا تسقط نقطة دم في المكان، أو أن يعطي مقدارا من الدم المسموح بسقوطه في المكان… إذا وضع معايير العلاج واقع منذ زمن وليس اليوم فقط، وبفضل احترام هذه المعايير نجد أن العلاج اليوم تطور لحد إمكانية إجراء عمليات عن بعد.
*هل يعد الشخص إذا آثما إذا اختار العلاج بطريقة خاطئة؟
** يتهور الناس في اختيار العلاج بحسب عقولهم، أو بسبب البخل، وتحضرني هنا قصة شخص وقفنا على حالته الصحية المتدهورة بسبب توقف كليته عن العمل، ووفاته بعد ذلك بمدة قصيرة. عند أخذ قوارير الأعشاب التي كانت بحوزته إلى المختبر الطبي، قال المختصون أن 75 في المائة من محتواها عبارة عن سموم،، وهذا يعني أن الإقبال على غير المتخصصين يعد انتحارا.
لذا يمكن القول أن الشخص الذي يتوجه نحو عشاب لا يتوفر على أي دراسة وليس له تكوين في الصيدلة آثم نفسه، وهو الذي قتل نفسه. أما الحالات التي يستدل بها البعض عند الشفاء بالأعشاب أو ما شابه بعد زيارة العديد من الأطباء المختصين واستعمال العديد من الأدوية فهي تدخل في باب هبة الله، لأن الحيران يلهمه الله، لكن على العموم طرق الشفاء تكون خاضعة لقانون الطب.
* ماذا عن حالات العلاج التي تكون باستعمال الضرب تلاوة القرآن؟
** تستند هذه الطريقة على الصرع، وهي من الطرق التي ثبت فعلها من طرف السلف، وقد ثبت أن أحمد بن حنبل من الذين صرعوا الناس، لكنه كان يشير أن الشخص المفتقد للتقوى لا يمكن أن ينجح في مسألة الصرع. وأقول أن شرط الصرع واحد لا ثالث له وهو تقوى الله فقط، أما مسألة الضرب فالثابت أن المصروع لا يضرب أبدا.
* هل توجد أوصاف محددة للمشعوذين الذين يدعون علاج الناس باسم الدين؟
** معرفة هؤلاء الناس وتمييزهم والاطلاع عليهم سهل وصعب، لأنهم يعتمدون أساليب للتمويه ، ويعتمدون على أشخاص يشهدون لهم بالعلمية، والتجربة، والواقع أن ما يجيز للشخص العلاج هو أن يكون مشهود له بشهادة الأطباء، ودراسة الصيدلة، لا الزراعة والعطارة بدون معرفة، ولو كان عالما بالدين. ومن المعايير المعينة على التعرف على المشعوذين، نجد المساومة لأن الرقية لا تخضع للمساومة.
حاورته سكينة بنزين