بقلم محمد أبويهدة
سيشكر منتجو فيلم «براءة المسلمين» كل المسلمين لأنهم أثبتوا لهم صحة الفكرة التي يقوم عليها الشريط.
هي خدمة جليلة نقدمها لهؤلاء الناس إذا ما استمر العنف الذي تدور وقائعه في عدة مدن عربية وعلى صفحات الأنترنت ردا على هذا الشريط التافه والبئيس، وهي حملة إشهارية مجانية قد تجعله يطيح بكل أفلام هوليوود وبوليود من قائمة الأفلام السينمائية الأكثر رواجا ومشاهدة.
الشكل العنيف الذي يحتج به المسلمون بسبب الإساءة لديننا الحنيف، يخدم الآن الشريط بشكل كبير بل يثبت صحة ما جاء فيه من أن المسلمين متعطشين لسفك الدماء، وهذا ما أكدته بشكل صريح عملية اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا.
كل الناس على هذه الكرة الأرضية يطورون تفكيرهم وسلوكهم وفق مجريات الأحداث العالمية ووفق حاجياتهم المجتمعية ووفق النتائج التي تكشف عنها العلوم الحقة والانسانية، إلا أمتنا «العظيمة» التي لا تستفيد من دروس ولا ينتبه قادتها وعلماؤها وشعوبها إلى أنهم يسيرون في الاتجاه المعاكس لكل شعوب العالم.
هناك ألف طريقة للتعبير عن موقفنا من الشريط وتذمرنا منه بشكل حضاري، وهي طرق من شأنها أن تكون مؤثرة دون اللجوء إلى العنف وإراقة الدم الذي لن يغير من صورة المسلمين لدى الغرب المتقدم، بل سيزيد من تكريس الصورة المشوهة التي يحتفظ بها هؤلاء الناس وهي للأسف نفس الصورة التي يقدمها الفيلم.
لقد استفدنا كثيرا من التكنولوجيا الغربية ومن منتجات هذه الحضارة، لكننا لم نستفد شيئا من حضارة تقدمت بفكرها بل فقدنا أيضا ما نبغ فيه علماؤنا السابقون في الفلسفة وبعض العلوم، ونبذنا أخلاق الحوار والتسامح ومقارعة الأفكار بمثيلاتها.
المصيبة أن الدين الذي نعبر عن غيرتنا عليه بالذبح وسفك الدماء، يدعو إلى السلام والمجادلة بالتي هي أحسن. وهذه مفارقة كبيرة!