قفز المجلس الوطني للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان المنعقد مؤخرا بالدارالبيضاء عن التقرير المالي، ولم ينبس أحد ولو بكلمة واحدة عن هذا الجانب، الذي يظل "غامضا" تماما، وكأن الجماعة لم تصرف ولو درهما واحدا خلال أربع سنوات (2008 ـ 2012)، كما صدرت تعليمات بالقفز عن الخرجات الإعلامية للقيادي السابق في الجماعة، الاستاذ الجامعي عبدالعالي مجدوب، الذي وصف الخط الذي تسير فيه الجماعة بـ "العبث"، وإصرار "على ما يمكن أن يجره هذا العبث من مآس وويلات".
لقد استعرض الاجتماع حصيلة مختلف أشغال الدائرة السياسية بمختلف لجانها التي قدمت حصيلة انجازاتها باستثناء الجانب المالي، الذي يبدو أنه يظل حكرا على "المرشد" الروحي عبدالسلام ياسين، وسرا من أسرار العائلة، لا يجرؤ أحد عن النبش فيه مخافة أن تصيبه لعنة الطرد أو أن يسطّر اسمه في لائحة الضالين.
ويبدو أن الجماعة التي تدعي الدفاع عن الديمقراطية، وتصبو إلى تحقيق دولة الخلافة، لا تحترم إرادة مريديها، وذلك بالإعلان بلغة الأرقام عن المداخل، والمصاريف. وأن تُطلع الرأي العام عن مصادر التمويل، وحجم التبرعات والمسالك التي قطعتها من أجل أن تصل إلى "خزينة" أو "جيوب" القيادة، وفي ما تم إنفاق هذه الأموال هل في الأسفار إلى اليونان أم تحريك الشارع أم في أنشطة مدرة للدخل أم في أشياء أخرى...
وبالرغم من أن الجماعة كانت حريصة على اعتماد صناديق بلاستيكية شفافة في عملية انتخاب أعضاء الأمانة العامة الجدد، في محاولة للإيهام أنه أشد حرصا على الديمقراطية، فإن التشكيلة الجديدة المنتخبة تكشف أن عملية تحكم عن بعد جد محبوكة حولت الصناديق البلاستيكية إلى مجرد ديكور، لا أقل ولا أكثر، إذ تم تغليب منطق العائلة كزوجة المهندس لطفي الحساني، وزوجة المحامي عزيز أدنى، وزوج كريمة الشيخ نادية ياسين الذي تم تعيينه، ظلما وعدوانا، خارج مسطرة الترشيح، مكافأة له عن الدور الخفي والحاسم الذي لعبه في إفشال مخططات قيادات القطاع النسائي المستقلات اللواتي كن يسعين إلى التحرر من قبضة مجلس الإرشاد الحديدية.
لقد تفننت الجماعة في الترويج لهذه الديمقراطية، لكن من يتتبع التفاصيل ويٌدقق في مجريات الأمور سيكتشف أن هذه الديمقراطية مغشوشة.