قبل عام ونصف خرج الناس، بعض الناس، في أكثر من قطر استلهاما للفوضى الخلاقة التي بشرت بها أمريكا، عبر قناة الجزيرة، شعوبنا العربية، ففي ليبيا وفر الغرب ضربات جوية مركزة لاغتيال القذافي وقطع أوصال كل أجهزته العسكرية وشبه العسكرية إلى أن تلقفته الطائرات الفرنسية وسلمته من الجو إلى ثوار “التويوتا”. وفي مصر أنهت أمريكا حكم محمد حسني مبارك بعد عودة المشير طنطاوي من زيارة مستعجلة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وإشرافه على تسليم الحكم إلى مرسي الطالب الأستاذ السابق في الجامعات الأمريكية. وفي تونس أنهى العسكر حكمهم في شخص بن علي. أما اليمن فتراضت القبائل على مرحلة انتقالية لازالت تجتر تلابيبها تحت ضربات القاعدة التي استوطنت اليمن الجنوبي. أما في سوريا فقد قرر آل الأسد ألا يسلموا البلد إلا بعد تخريب كل مناحي الحياة ويعود الشام إلى العصر الحجري.
قبل عام ونصف حاولت حركة 20 فبراير أن تحاكي الشارع العربي علها تظفر بدعم دعاة الفوضى الخلاقة، ولكنه الشعب الرقم الأصعب في المعادلة، الذي استنكف وقضى ألا يعيش البلد ما تعيشه الأقطار الأخرى، فمن الناس من خرج يوما ومنهم من خرج شهرا ومن الناس من اختار النار والحجار أشهرا، ولكنهم عادوا بعد أن استوعبوا دروس الفعل على يد الشعب الماسك بزمام الأشياء، وحدهم ورثة “باكونين” من دعاة الفوضى العدمية أصروا على الاستمرار في التيه والمشي في أيام الآحاد، كما حدث يوم الأحد 26 غشت عندما خرج العشرات في بعض المراكز بحثا عن القمع والركل الذي يوفر الاستمرارية.
ففي الرباط كما في البيضاء ذهبوا إلى حيث يوجد الشعب بالآلاف عله يمشي مشيهم، لكنه الشعب يتحرك من أجل النزهة والتبضع والمشي والفرجة ولا يبالي بدعاة التيه.
عندما يغيب الشعب القادر على فرض خياراته على الأرض، يترك الهامشيون في الهامش وتحضر شعاراتهم المقززة التي ربما تولد رد فعل الشعب الذي مل من كلامهم النابي وينكر على السلطات العمومية عدم تحركها من أجل وضع حد للمسخ الذي طال شوارع المغرب.
يوم الأحد حضر الجزائري مراسل راديو فرنسا الدولي، والمغربي المعتذر له مراسل وكالة الأنباء الفرنسية بحثا عن الحدث فعاشوا الأشياء على علاتها، شعب يعيش حياةً عادية يأكل الخبز ويمشي في الأسواق، وشردمة تقول وتصدح بما تشاء، لقد أتعب مراسل وكالة الأنباء الفرنسية نفسه وأشقاها وانتقل من الرباط إلى البيضاء يوم الأحد في عز شهر غشت على أمل الظفر بلقطات يؤثث بها قصاصة وكالة الأنباء من محبرة التيار إياه، الذي من أجله طاف في أرجاء المغرب بحثا عن أحداث تفيد المطلوب من المغرب السحيق، وعندما فشل مشروعه التحق بالتي هي محمية قوة عظمى حتى ينعم بالحرية في النيل مما يهوى ويريد.
مر كل شيء باهتا باردا ولم يجد صاحبنا ما يبرر به ضرورة التنقل غير قصاصة تتحدث عن مئات عوض العشرات حتى يبرر الضرورة المهنية لانتقاله في عز الصيف مائة كيلومتر لتغطية تيه حركة لقيطة غريبة عن الشعب.
غير بعيد عن مسجد طارق وثانوية المختار السوسي بحي البرنوصي بالبيضاء، فطن التائهون إلى أن المشي لا يفيد فوضعوا حدا لتيههم وعادوا إلى حيث يجدون ما ينسون به هامشيتهم من مبردات ومسكنات في مركز المدينة حيث تألفهم مدارة مرس السلطان لينتهي يوم من أيام انتكاسة المشي والصراخ بدون أفق في انتظار من يكرم ميتا بدفنه.
أكورا