"عادت حليمة إلى عادتها القديمة" كما يقول العرب. فلم تترك جماعة العدل والإحسان مناسبة العيد تمر من دون أن تمارس طغيانها في التأويل والتضليل والتطبيل للربيع العربي، وما جناه على بضع دول شقيقة، تعتبرها قدوة، بالرغم من أنها لا تزال تحصي قتلاها، وما يزال جرحاها يرقدون بمستشفيات دول صديقة.
استحضار الجماعة لهذه النماذج، يعني أن النموذج المغربي، الذي نصح رئيس الدائرة السياسية ل "حماس"، خالد مشعل، الدول العربية بالاقتداء به، لا يروقها، ولم يحقق شهوتها في حشد التأييد للدعوة التي رفعتها في بداية الحراك: "تطهير الشوارع بالدماء"، فعادت لممارسة النفاق السياسي، وسمّت دستور فاتح يوليوز ب "الكذبة"، علما أنها لم تمر إلا أسابيع قليلة على تمسح قيادتها بعتبة منْ نصّبه هذا الدستور رئيسا للحكومة، بإرادة صناديق الاقتراع، وفي احترام تام للمنهجية الديمقراطية.
ولأن الجماعة تجد نفسها في عنق الزجاجة، في وضع الجالس بين كرسين: لا راحة ولا استقرار، موزعة بين الرغبة في خوض غمار السياسة، وفق القوانين الجاري بها العمل، ولعب دور المنقذ من الضلال، باسم الدين، بالرغم من أن لا أحد أوكل لها إنجاز هذه المهمة، فقد انضمت إلى جوقة من "عليهم دائرة السوء" وشاءت أن تدلي بدلولها في موضوع: البيعة، وهي آخر من يحق لها الحديث في هذا الموضوع، لأنها تمارس أبشع طقوس الخضوع والركوع لشيخ جماعة عبدالسلام ياسين، كل يوم، بل وتسايره في هواه (رؤاه) التي لا يصدقها سوي وهو ما لا يسنده شرع، ولا يقبله عقل، وتمجه الفطرة السليمة.
لقد شذ المغرب عن القاعدة، بالفعل، لأنه لم يدخل، أصلا، في النفق المظلم الذي تنتشر فيه خفافيش الظلام، واختار أن يسير في واضحة النهار، أمام الأنظار،على هدي الديمقراطية، من دون ركوع وسجود للشيخ عبدالسلام ياسين الذين بايعوه على "قومة" مزعومة.
ولا حاجة للشعب إلى البحث عن المسوغات التي تجعله يلقي بإرثه عرض الحائط لمجرد أن جماعة، خارجة عن إجماع الأمة، تريد أن تصادر حقه في ممارسة ما دأب عليه أباؤه وأجداده منذ 14 قرنا، ولا يريد أن يموت ميتة جاهلية.
رشيد الانباري