لم يتعد عدد الأصوات النشاز التي عزفت خارج سمفونية حفل الولاء بضعة نفر، ادّعوا، لأول مرة، أنه لم تعد الحاجة ملحة لهذا التقليد السنوي، الذي تتجدد فيه أواصر البيعة بين الملك والشعب.
في ما مضى لم يتجرأ أحد منهم، للحديث في هذا الموضوع، بالرغم من أن الحفل يقام كل عام، منذ سنوات خلت، لكن يبدو أن خيبة الأمل التي أصابتهم بعدما مر الربيع العربي في سلام، دفعتهم إلى محاولة العزف عن هذا الوتر، وافتعال نقاش وهمي حول قضية لم تكن قط موضوع نقاش، ويتعامل معها المغاربة كتقليد مرعي، من دون عُقد أو أمراض نفسية، تجعلهم يشعرون أن في إقامة حفل الولاءتحديا لمشاعرهم.
ومن حسن الطالع أن عدد هؤلاء المرضى قليل جدا، إذ يعدون على رؤوس الأصابع، مقارنة مع الكم الهائل للأسوياء من أبناء هذا الوطن الذين لم تصبهم لوثة محاولة التمرد على الأعراف والتقاليد، هكذا دفعة واحدة.
حفل الولاء هو حفل الولاء... والتقاليد هي التقاليد، وهي لا تقبل النقص أو التشذيب، ومن الطبيعي جدا مراعاة البرتوكول الذي يجري به العمل في هذه المناسبة مع التجاوب، إن اقتضى الحال، مع مقتضيات التطور.
حفل الولاء هذا العام اتجه صوب التخفيف في الوقت، الذي لم يتعد عشر دقائق، وفي تركيبة المبايعين، حيث حضر أعضاء الحكومة كضيوف باستثناء وزير الداخلية والوزير المنتدب في الداخلية الذين تقدموا الولاة والعمال، وهو ما أفحم معارضي هذا التقليد الموروث الذي سعوا إلى تصوير الحفل وكأنه قطعة من العذاب، بينما العذاب الحقيقي هو ما يشعرون به، وهم يرون الوفود تقدم الولاء للملك، لا ركوعا وسجودا، وفي أجواء يطغى عليها خشوع اللحظة لا الذل والمهانة، التي يشعر بها حتما اليوم أولئك الذين روجوا لفكرة إلغاء البيعة.