.يبدو بأن الطريق مايزال طويلا وغير معبد أمام حاملي مشروع البناء الديمقراطي خاصة على مستوى التدبير السلمي للاختلاف،
لا أريد أن تحترمني لأنني أدافع عنك وحقوقك تخرق، أو العكس أن أحترمك فقط لأنك تدافع عني وأحد حقوقي يتعرض للتضييق، بل ينبغي أن تحترمني وأحترمك ونحن نعبر عن أراء مختلفة في الدين و الحب والسياسة والاقتصاد ...
لقد شكل تنزيل الدستور فرصتنا بامتياز للتمرين على درجة التأهيل الديمقراطي الذاتي، لكن مع الأسف أخلفنا الموعد، لاحظت ذلك والأدلة عليه متواترة على مدى الأربعة أشهر، ولاحظت ذلك بقوة من خلال التعليقات المستبدة مؤخرا على هامش موقف "علي بوعبيد" وهو يعلن قرار التصويت بنعم، المعبر عليه على أحد المواقع الإلكترونية، تعليقات فاشية تريد أن تجر الرجل إلى المقصلة لمجرد أنه قال نعم للدستور، ولمكر الصدف وقع وأن عبر نفس الرجل "علي بوعبيد" عن استيائه مما لاحظه من تهلهل في الحرص على إعمال الإجراءات والتدابيرالمنصوص عليها خلال عملية التصويت، وليتحول الموقف منه وتجاهه بسرعة البرق، وليصبح علي بوعبيد دليلنا وشمعة موقعنا ونجم حائطنا وشاهدنا ...ليس فقط على الحالة التي عبرعنها أو الحالات التي قد تتقاطع معه، بل على العملية ككل،
لكن الواقع لا يمكنأن نلوي عنقه بكل تلك السهولة، فكما تحتمل التعبئة من أجل "نعم" الكثير من الإختلالات، تحتمل التعبئة من أجل "لا" و"المقاطعة" نفس الإختلالات، ولأن هذا المنطق موجود هنا وهناك، فينبغي أن نبحث عن مسالك تقربنا من التقييم الذي يتكئ ويتوسل الموضوعية لكل هذا المسار،
ولأن شيئا من هذه الموضوعية اليوم يوجد في صف المصوتين بنعم، حين عبر علي بوعبيد وعزيز إدمين وسعاد... عن استيائهم من التجاوزات التي سجلوها وهم من الذين صوتوا ب"نعم"، فإننا لم نسمع بعد مصوتين ب "لا" وهم يتحدثون عن احترام تلك المساطر بالنسبة لحالتهم والذين لم يقع معهم ذلك وهم موجودون،
فلما لا نوثق لمسار عملية التصويت، بالتفصيل الممل، لا أستبعد حدوث اختلالات وتجاوزات هنا وهناك، وسيكون مطلوبا رصدها والتسريع بإمداد مختلف الجهات التي أعلنت عن مراقبتها لمرحلة الاستفتاء، فشهادات المصوتين ب"نعم "والمصوتين ب "لا "هي ذات مصداقية، بينما الواقع هو أننا حتى الآن لا نسمع سوى صوت الذين قاطعوا يراكم المعطيات التي تفيد جميعها بلا جدوى التصويت واختلالا ته، بالرغم من غيابهم عن مسار عملية التصويت من الداخل، فالذي رأى ليس كالذي سمع
لذلك سأحكي بالتفصيل الوقائع المتصلة بمشاركتي في الاستفتاء على الدستور .
توجهت إلى إعدادية الإمام البخاري" بشارع بين الويدان" للتصويت، بحث عن مكتب 37، كنت أمر على مكاتب يدخلها مواطنون ومواطنات من أجل التصويت بشكل عادي، التقيت أحد الأصدقاء يبحث عن بطاقته، التي لم يكن قد تسلمها بعد،
وجدت المكتب 37، تقدمت وسلمت بطاقة الناخب، تفحصها أحد المشرفين الستة على المكتب، طلب مني أن أتقدم ببطاقتي الوطنية إلى المشرف الثاني، تحقق من وجود اسمي على اللائحة وبعدها طلب مني أن أسحب ورقتي "نعم" و"لا "وغلافا أصفر عليه طابع إداري،
وبعدها توجهت إلى المخبأ، ووضعت ورقة التصويت في الغلاف، والأخرى في حقيبة يدي،
خرجت ووضعتها في صندوق زجاجي،
تسلمت بطائفي
ووضع نفس المشرف مدادا أزرق على أصبعي ,
هذا ما وقع بالتفصيل معي وأنا أدلي بصوتي يوم 1 يوليوز صباحا،