من الطبيعي أن ترفض جماعة العدل والإحسان الانسحاب بهدوء، وأن تمتنع حركة 20 فبراير عن ركون إلى الصمت، وتقبلا معا بالهزيمة...
ومن الطبيعي جدا أن تسارعا معا للإعلان عن الاستمرار في "النضال" ضد الشعب المغربي الذي صوت بنعم لصالح الدستور، لكن على الجماعة، التي غرقت في الفضائح حتى النخاع، والحركة التي أصبحت أسيرة لجنة الدعم أن تتحملا عواقب ما قد يترتب من عواقب عن هذه الحرب... حرب الشوارع التي نظفها الاستفتاء، لأنه مادامت "إرادة" الشعب قالت نعم للدستور، فإن كل الإرادات المصطعنة التي تبحث عن مبررات واهية للاستمرار في الاحتجاج لا معنى لها، إلا في سياق واحد هو أنه "تتقلب على جوا منجل" و تعتمد على منطق " اهبش تجبد أحنش".
ومن الطبيعي جدا أن لا يتقبل، بعد الآن، أكثر من ثلثي الناخبين الذي صوتوا على الدستور الجديد المزيد من الاستفزاز الذي تسترزق به شرذمة من ذوي الارتباطات الأجنبية...
وعلى ذكر الارتباطات الأجنبية، فيبدو أن قناة "فرانس 24 " التي تعبر عن وجهة نظر الخارجية الفرنسية تجتهد وتتفنن في إبراز مفاتن حركة 20 فبراير، ربما، لأن العديد من أعضائها من ذوي الجنسية المزدوجة، ومن الضالعين في الخدمة "المخابراتية" لأجندة أقسام الشؤون السياسية لدبلوماسية هذا البلد الصديق، و ربما لأن "أساتذتها" لم تكن لهم أي يد في هذا الإصلاح، و ربما لأن تطبيق الديمقراطية في "محمياتها" القديمة يُفقدها القدرة على التحكم في مقود مصالحها الاستراتيجية.
وهكذا سارعت القناة إلى استضافة عبد الحميد أمين، الذي اعتبر أن الدستور دستور الملك وليس دستور الشعب، متغافلا عن الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، والنقاشات الطويلة والعريضة، في وسائل الإعلام العمومية، التي واكبت هذا الإصلاح والتي كان هو نفسه طرفا فيها...
أما الجزيرة التي حصلت على ترخيص مؤقت لمواكبة الحدث، فاختارت أن تُقدم لنا وصفة فتح الله أرسلان الناطق الرسمي للعدل والإحسان، الذي اعتبر أنه تم "قتل" الديمقراطية بمكاتب التصويت، وهنا لا بد من التساؤل ما الذي منع الأحزاب والنقابات المعترف بها، من تعيين ممثلين لها في مكاتب التصويت مادام القانون يضمن لها هذا الحق؟ ولماذا اكتفت بالمقاطعة فقط هكذا من دون أي اجتهاد؟ هل تعتقد أن كل الذين لم يصوتوا قاطعوا الاستفتاء بما في ذلك الذين يرقدون في المستشفيات،أو ضاع لهم قريب أو شغلهم حفل زفاق أو ألهاهم طارئ؟.
وحين تعلن العدل والإحسان أنها عازمة على الاستمرار في الخروج، وحين يقرر نفر من حركة 20 فبراير الاستمرار في هذا الأسلوب، فإن هذا ليس له إلا معنى واحد هو الإصرار على تنظيف الشوارع بالدماء، غير أن الشعب اختار تنظيف صناديق الاقتراع بنعم.