انتظر أتباع الزاوية الياسينية إعادة انتخاب عبدالالاه بنكيران على رأس الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية ليوفدوا فريقا منهم لتهنئته بهذه التزكية الحزبية،بعد أن تعمدوا عن سبق إصرار وترصد عدم مباركة تعيينه رئيسا للحكومة في 29نونبر2011استنادا على موقفهم الرافض للخيار الديمقراطي الذي استفتي فيه الشعب المغربي وصادق عليه في انتخابات 25 من نونبر 2011 .
لقد كان المسار السياسي والدستوري، الذي تم تدشينه بالخطاب الملكي ليوم 09 مارس 2011 ، و توج بإقرار دستور جديد في فاتح يوليوز ، وتكلل بانتخابات تشريعية نزيهة بمثابة ضربة موجعة لجماعة العدل والإحسان التي لم تستسغ دخول البلاد في مسلسل سياسي يدعم أركان الديمقراطية والنظام المؤسساتي والفصل الجلي بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية من دون دبابات ولا مروحيات ولا قتلى في الشوارع، لإن الجماعة راهنت على تعكير الأجواء السياسية والانتخابية وعلى حدوث انزلاقات وتزويرللإرادة الشعبية، واندلاع سبل الاحتقان في المشهد الحزبي السياسي ، تماما كما هو الشأن لتجار السلاح الذين لا تستقيم تجارتهم إلا في ظل بؤر التوتر والنزاع. إلا أن التطور الإيجابي للمسلسل الديمقراطي سحب البساط من تحت أقدام "العدل والإحسان" وضيع عليهم فرصة الاستمرار في لعب دور الضحية المقهورة، في مسرحية هزلية درامية بإخراج رديء.
ولعل الأمر الأكبر والأخطر من كل ذلك هو أن هذا المسار جعل أتباع ياسين موقنين على أنهم تخلفوا عن ركوب قطار المؤسسات في محطتها الرئيسية، وحاولوا جاهدين تدارك الرحلة الديمقراطية عبر إحدى المحطات الثانوية، وحتى يحفظوا ماء وجههم، لم يجدوا فرصة أحسن من بوابة تهنئة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، كمقدمة واستعطاف لدخول غمار العمل السياسي الواضح والمشروع ، وهو ما عبر عنه الموقع الرسمي للعدل والإحسان بالتأكيد"على ضرورة تكاثف جهود كل المكونات الصادقة لصنع غد أفضل للبلد بأيدي كل أبنائه، وليسعهم جميعا بكل اتجاهاتهم".
وإذا كان فتح الله ارسلان قد صرح عقب لقاء برئيس الحكومة " بأن حديث البعض عن مسألة الترخيص للعمل في إطار حزب سياسي لا يستقيم، باعتبار أن الترخيص ليس بيد الحكومة بل يتجاوزها، و أن هذا الأمر يوجد بيد جهات أخرى أكبر من الحكومة" فإنه يمكن اعتبارهذا التصريح يدخل في باب القول المأثور "يتمنعن وهن الراغبات " وان كان السياق وأسباب النزول جد متباعدة. وعلى أي وكما قال الراحل الحسن الثاني و كما أكد جلالة الملك محمد السادس " إن الوطن غفور رحيم"