عندما أستغرب من دعوة الافطار في رمضان علنا في المغرب واتاحته قانونيا مثلما يطالب به ( وكالوا رمضان ) فلا يعني ذلك انني مثلا لست ديموقراطيا، او لا اعترف بالاختلاف ، او الآخر ، قطعا لا . فالدين كله ليس بالاكراه والله سبحانه منح حرية الاعتقاد او الكفر في الاسلام ككل ، فبالاحرى رمضان ، الذي هو ليس سوى جزء من الاسلام ، وانما رفض الموضوع كان من وجهة اخرى تماما ليس لها علاقة اطلاقا بقبول الآخر او رفضه ، فنحن بدورنا نعاني من هذه الازدواجية والمعايير المرفوضة في اروبا ، وبالتالي لا يمكن ان نأتي امرا بيد وننهى عنه بيد اخرى فما هي ياترى اذا هذه الوجهة ؟ يجب ان نطرح اسئلة كي نصل الى نتيجة مقنعة ترضي الطرفين : ما المقصود من هذه الدعوة الى الافطار علنا ؟ وهل يمكن لهذه الدعوة ان تتحقق؟ فاذا لم تكن هنالك اية بوادر تشجع وتمنح الحق في تحقيق حلم او مطمح كهذا ، اذا فالمشروع برمته فاشل منذ البداية ، واذا ادرك اصحابه استحالته على الأمر الواقع واستمروا في المطالبة به فهذا هو العبث بعينه . ان اية متقتح اومشروع يقدم ليحظى بالتمويل المالي او تنفيذه ، تسبقه دراسة ميدانية يظهر فيها صاحب المشروع اسباب نجاحه والا رفض فلا احد يصرف امواله او يمنح ديونا في مشاريع لا تتحقق ، وكل مشروع كي ينجح يحتاج لبيئة مناسبة ، فهل يا ترى بيئة كالمغرب وكمغاربة يصومون جميعا الا قلة قليلة والشاذ لا يعتد به حسب القاعدة المعروفة ، هل هي بيئة مناسة ؟ الجواب طبعا لا ، لأن المغاربة مهما كانوا اغنياء فقراء شرفاء مجرمين قد لا يصلون ولا يزكون أموالهم لكنهم يقدسون شهر الصيام ، ولا أعتقد ان الافطار علنا فرادى وجماعات امر يسرهم ابدا ، بل سيعتبرونه استفزازا لهم وآخرون سيرونه حربا على الاسلام وعليك في هذه الحالة ان تتوقع ما الذي سيحدث فالدولة التي وجه اليها الطلب هي جهة لا تملك حق الاختصاص ، اذ الذين شرعوا القانون اخذوا بعين الاعتبار البيئة وهم انفسهم جزء من هذه الاغلبية ان صح هذا التعبير وبالتالي ليس بالامكان اكثر ممما كان ، ومطالبة فئة تعد على الاصابع بالغاء راي الاغلبية او الكل واحلال رايها مكانه ، فهذا هو العبث بعينه لأن الديموقراطية التي يحتجون بها لا تقبل امرا كهذا اذ راي الاغلبية دائما هو الذي يسود هكذا تعلمنا وعلمونا في الغرب . اذا الحكومة او البرلمان ليست جهة الاختصاص فمن يملك القرار في امر كهذا اذا ؟ لا احد غير الشعب المغربي وهذا الاخير لن يقبل امرا كهذا بل ان ممارسة الافطار علنا في رمضان امر يعرض سلامة هذه الفئة للخطر فلن تكون مواقف الجميع الاكتفاء بالقول اللهم ان هذا منكر . ففيهم من ينطلق من ايديولوجيات مختلفة ومماسة فعل كهذا في بلد مسلم مرفوض بالاجماع والدين والعرف سيقود الى الفوضى بعينها من هذا نبرر رفض الحكومة رفض هذا الطلب لانها مسؤولة عن امن كل المغاربة كما انه لا أحد من اعضاء البرلمان سيغامر بسمعته ومستقبله ويصوت على اقراره حالة عرضه على البرلمان .وقبل ان أقترح الحل على هؤلاء ابدأ أولا بتسائلات ومقارنات ان اطلاق دعوة مثل هذه لا أجد لها شبيها سوى دعوة المتطرفين باقرار الشريعة في دولة اروبية مسيحية مثل هولندا فقد كان هذا طلب اثار مدادا كثيرا في هولندا واروبا فهل هذا منطقي رغم ان المسلمين يشكلون ببعض هذه الدول الملايين وليس كحفنة من المدللين مثل دعاة الافطار في رمضان .ثم لنضرب مثلا آخر فنحن في اروبا نعاني من بعض القوانين العنصرية مدانة من منظمات دولية حقوقية ومن المحكمة الاروبية لحقوق الانسان ونطالب به نحن هنا اي نطالب بالغاء هذه القوانين فلم يستجب لنا ولا لغيلرنا . فكيف يطالب البعض من المغرب حكومة وشعبا قبول دعوى الافطار في رمضان وهم فئة قليلة جدا ولايمثلون عدد المسلمين في الغرب . انا شخصيا منذ ان آمنت بالديموقراطية لا أآخذ حكومات الغرب على سن قوانين كهذه لأنها في النهاية رأي الأغلبية لذلك نحاول استمالة اكبر نسبة من الشعوب الاروبية لجانب قضايانا فحين تنحاز لنا ستصوت لصالح مطالبنا رغم ان لنا نحن هنا في الغرب منحازون ومؤيدون فمن لوكالي رمضان في المغرب . واذا كانوا يريدون حقا تحقيق مطلبهم فعليهم اولا تغيير عقيدة المغاربة وانتظار قرون ليتخلى المغاربة عن مقدساتهم عندها فقط قد تتحقق ترهاتهم . . فلو كانوا حكماء لعملوا بالنصيحة التالية اذا وجدت قوما يعبدون الحمير فعليك بالحشيش . مثل واضح ومعبر وان كان لا يناسب موضوعا كهذا الا انه معبر وبليغ فعلا فما دام الصوم مقدسا لدى المغاربة فليس منطقيا أن تطالب بالافطار علنا ابل طالب بشيء يوافق هوى الاغلبية هذه هي الديموقراطية . أما الافطار سرا فهو امر مباح وجار به العمل منذ زمن .
جمال الدين العارف كاتب صحفي مقيم في هولندا