محمد بن امحمد العلوي.
1 الاداء و التطلعات
لقد أكد الاستاذ ادريس لشكر عضو المكتب السياسي في حديث صحفي أن حزب الاتحاد الاشتراكي لعب دورا في إبداع و إنتاج المصطلحات و التعابير السياسية ، و هذا من دواعي السرور و الفرح باعتبار الاتحاد الاشتراكي حزبا لا يشق له غبار في المعارضة و التكوين السياسي لأجيال من المناضلين .و عندما يتحدث لشكر عن الإبداع و الإنتاج فبالضرورة ان يكون الاداء معبرا حقيقيا لهذا الانتاج ،لكن هل كان الممارسون للسياسة الآن من جيل الاستاذ اوفياء لانتاج الحرفيين من الساسة الاتحاديين؟ ببساطة الجواب غامض و يتطلب وقتا من التأمل لكي نجيب موضوعيا ،فالحزب الآن يمارس المعارضة بعد سنوات من التدبير الحكومي و الأداء لا يرقى الى مستوى الموروث و لغة الخطاب .
فكيف يمكن التوفيق بين قيم الحزب وأفكاره التي ظل يدافع عنها طيلة سنوات و واقع الحزب اثناء تدبيره للشأن العام وعند خروجه الان لصفوف المعارضة ؟هنا نستغرب للتصريحات التي يدلي بها السيد لشكر بشكل محموم في كل المناسبات ، فهو يركز على عودة الحزب ، لكن بأي شكل و بأي لون؟ فحزب عمر و المهدي اصبح الان بأيد اخرى و تحت تصرف براغماتيات متعددة ،و بالعودة الى السيد لشكر نجده فيما سبق من ايامه السياسية قد كان مناصرا لفكرة التحالف والتقارب مع حزب العدالة و التنمية، ليشطب بعدها الفكرة مقابل كرسي وزير . فعودة الحزب الى ساحة المعارضة بغض النظر عن توصيفها بالبناءة او غير ذلك يطرح إشكال الثقافةَ السياسيّةَ القائمة داخل دواليب صناعة القرار بالحزب ، ومدى المَيْلِ إلى تحويل الحزب إلى جماعةٍ او تكتل ميال للعنف بتمظهراته الكثيرة. فالممارسات الاخيرة في تدبير خط المعارضة تتوضح من خلالها لغة ديماغوجية و البحث عن الانتصار على الخصم السياسي بنقطة تحت الصفر ، بدل المطالبة بمواقف وبرامج وشرح وتحليل.
زيادة على هذا فالصراع المحموم على موقع الكتابة الاولى للحزب المطروح في مؤتمر الحزب التاسع في خريف 2012 وتموقعات داخل دواليب الحزب ،يزيد من ضبابية المشهد داخل الحزب ومدى تأثيره على الساحة السياسية للبلاد . فرؤيتنا أن النقد والنقد الذاتيّ نتيجته هي عدم تعويق بناء المؤسّسات والإسهام في بنائها واحترامها و من ضمنها المعارضة ،فماذا يقرأ من وراء السطور ؟ فإدريس لشكر ذي الاصول الصحراوية يشرف على عملية تشكيل فروع الحزب في الصحراء و هو مدعوم لوجيستيا من طرف حسن الدرهم ممثل الإتحاد الإشتراكي في الصحراء المغربية ،و يشيد ايضا بمسيرة الكرامة التي شهدتها مدينة الدار البيضاء و يعتبرها دفاعا عن الحداثة والديمقراطية في إطار مشاريع شمولية أو قطاعية توظف ثقافة القرب بكل الآليات الممكنة لمزيد من التعبئة وتوحيد الصفوف على حد تعبيره.كذلك دعوته الى تجديد الانخراط وفتح باب الانضمام الى صفوف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
و من هنا نرى بأن السيد ادريس لشكر يسوق لتياره بتعويمه لموضوع الاستحقاقات الانتخابية سواء على مستوى الحزب أو البلد باعتبارها المنقد الحقيقي للاتحاد الاشتراكي حسب رؤيته، و هذا التصور من أجل تحقيقه و بلورته بشكل يليق بالمرحلة والمبادئ التي قام من أجلها الحزب لايكفي بان نعود لأرشيف الاتحاد الاشتراكي حسب قول السيدة بديعة الراضي ،لكن الابتعاد عن التبشير الموسوم بالسذاجة السياسية أو التبسيط المجاني هو الكفيل بالممر الآمن من مطب اللحظة،فأمام أفول الإيديولوجيّات وتراجع فكرة التنظيم الحزبي الطوعي و العزوف عن الانتماء ، و كذلك صعودِ فكرة المنظّمات غير الحكوميّة في أوساط اليسار ما هي نوعية الناس التي ستنخرط معك؟ و كيف ستقنعها أمام المستوى غير الفعال و المتخبط الذي ظهر به بعض نواب و منتخبي الحزب؟ و نتساءل عن دور لشكر و تموقعه في العمل السياسي التنظيمي في فترة الـمؤسّسين و علاقاته معهم ، و عن دوره الان كمدير عام جديد لإدارة المرحلة فعلاً او افتراضا و لما لا إدارة الحزب ، و نختم القراءة بدعم عبد الواحد الراضي له و ما يمثله من وزن داخل الحزب و علاقاته الكبيرة مع صناع القرار .و هنا نؤكد على أن الحكم الرشيد ينبغي أن يرتكز على مبادئ و قراءة متأنية للمستقبل من أجل استباق الأزمات ومنع حدوثها .
2لغةالتخاطب الجديدة
إن علاماتٍ الواقع السياسي يمكن التماهي معها خطأً أو صوابًا فعندما نتحدث عن الاختلالات على مستوى التدبير الحكومي لابد من التذكير في الاتجاه ذاته على هدف المعارضة من المشاكسة ، هل هو فعلا التصويب في اتجاه التصليح ام في اتجاه التلميع ؟ إذ زيادة على غياب لغة معارضة جديدة و فعالة متماشية مع المستجد داخليا و خارجيا ، برزت مؤخرا لغة العراك بالأيادي زائد السب و الشتم بين برلمانيين من نفس حزب الاتحاد الاشتراكي إثر نقاش داخل لجنة القطاعات الانتاجية بقرار اشباعتو رئيس اللجنة إدراج مراسيم لاستيراد القمح. هذه اللغة البعيدة عن أدبيات السياسة تؤكد على التأزم البرلماني المصطنع والتصعيد التكسبي لأغراض شخصانية. فهل هو بحث عن بطولات وهمية بعيدة عن المصلحة العامة ؟أم هي أهداف و غايات خفية من أجل التموقع و التحالف بين تيارات ضد أخرى داخل الحزب الواحد؟ فهذه اللغة ببساطة لا يمكن امتطاؤها في ظل الظروف الراهنة باعتبارها غير متناسبة و قدرات الحزب على القيادة ،فعدم القدرة على تطويع لغة مسؤولة من بعض الأعضاء يكشف ضعف وتواضع إمكاناتهم وضحالة فهمهم ووهن حجتهم و هذا سلوك يرفضه الذوق الرفيع ويتأفف منه. و هذا المسلك يزيد من تدني الممارسة البرلمانية و مراقبة أشغال الوزراء والحكومة و الانشغال بمناوشات سياسوية وهمية عديدة تسهم في إضاعة الوقت وتعطيل التنمية وفرض أجواء من الشك والاتهام لكل عمل وبكل شخص. فهل سيؤدي هذا الى فقدان الثقة بنواب الامة واحترامهم وإشاعة الإحباط ؟ فأرجوكم لا نريد أن تتكرر المشاهد السابقة فنحن بانتظار أن نرى و نسمع شيئا من العمل الفعال دون ممارسات سياسوية . ففي نظري من اختار السياسة طريقا يسلكه ومنهجا و ممارسة من أجل خدمة الصالح العام و أمن المملكة ،فلابد له من الإلتزام بأدبيات الحوار و قواعد اللعبة و البحث عن لغة التخاطب المحترم. فلكي نبدأ كلّ شيءٍ من جديد لابد من تطويع لغة النقد الذاتي من داخل الهياكل وصولا الى المكتب المسير، و هذا ما يشكل تحدّيًا هائلاً ولكنّه ليس مخيفًا .و أرى انه لاضير من تمتّعِ من سيتحمل مسؤولية الحزب بروحِ الدعابة والتهكّم الذاتيّ من اجل المعرفة الحقيقية للذات ،و في نفس الآن خدمة للإستراتيجية الكبرى للحزب في ظل مصلحة البلاد و العباد