"محنة الأعراس المختلطة التي نزع الله منها بركته ". كان هذا هو العنوان الرئيس الذي تصدر مناشير وزعت بالمدينة يوم السبت 30 يونيو، نعتت فيها الأعراس التي تقيمها الأسر المغربية ومنها الوزانية بأبشع الصفات، وأحط النعوت، وأردئ قاموس لغوي.
فقد حرمت هذه المناشير التي نصب فيها نفسه طرف اختار التحرك من وراء الستار، ناطقا واحدا وأوحدا باسم الدين الإسلامي الحنيف، وشرعن لنفسه من دون غيره حق الإجتهاد في دين جاء أصلا ليخرج الإنسانية من زمن الظلام إلى زمن النور، تنظيم حفلات الأعراس بالشكل التي تنظمها الأسر المغربية.
هذه اللحظات الجميلة والمشعة بالأمل التي تتمتع بها الأسرة المغربية المسلمة، دعا من وزع هذا المنشور اقتلاعها منهم بعنف لغوي يؤسس للفاجعة لا قدر الله. فهل أعراسنا تأسس "لحياة تقوم على المنكر، وتبتدئ بالمنكر من أول يوم"؟ كما جاء في آخر المنشور الذي يدعو إلى الفتنة التي يلعن الله سبحانه تعالى موقضها. أما مقدمة هذا المنشور فقد جاءت حاملة بين طياتها كلاما عاما خطيرا حين تسائلت بشكل ملغوم متهمة كافة الأسر الوزانية والمغربية عن "أي فحش أعظم مما أصبح يروج في أعراس المسلمين من اختلاط وفسوق وخمر وحشيش ورقص خليع وكلام ساقط ....!".
ويسترسل الظلام في نشر قتامته، متهما الجميع ومعمما كذبه وكأن الأسر الوزانية والمغربية أصبحت فاسدة، حين يصف "قيام البنات شبه عاريات للرقص الخليع الساقط. عازبات، ومتزوجات، وأعظم من ذلك حين يحدث هذا أمام أزواجهن وأبنائهن، ووالديهن واللعنة تعم الجميع".
المنشور الذي نتوفر على نسخة منه، ومن خلال المقتطفات التي نقلناها لقرائنا أعلاه يؤكد بالملموس والوقائع بأن هذا البلد المستقر والآمن رغم مشاكله العويصة، أضحى مستهدفا . حيث تعمل أكثر من جهة وتحت يافطة الدين الإسلامي وهو بريئ من أفعالهم وأقوالهم، خنق وتضييق رقعة فرحهم وسرقتها منهم، ومصادرة كل ماهو جميل ومشع في ثقافتهم(الأعراس جزء منها) المادية والروحية، والزج بهم في مستنقع اليأس والإحباط، وتحويل أملهم إلى ألم .
عبد ربه هذا لن يدعي، ولم يدعي يوما بأنه يمكنه إعطاء الدروس لأحد في الدين الإسلامي الذي هو ديننا جميعا، ولن يدعي بأنه مؤهل لدحض التراهات الواردة في المنشور السالف الذكر، لكنه يدعو بكل احترام وتواضع علمائنا الاجلاء بالمدينة وبالمغرب التصدي من داخل قلب العقيدة الإسلامية السمحاء، وباقي منابع هذا الدين العظيم الذي جاء ليخرج البشرية من الظلمات إلى النور، لمضامين المنشور الذي وزع على نطاق واسع بالمدينة وبراز عوراته . وعلى مجتمع الحداثيين والديمقراطيين والعلماء المتنورين بدار الضمانة أن يعوا بأن القادم أسوأ لا قدر الله، إن هم ارتكنوا للصمت، واكتفوا بالتفرج على ما جرى ويجري وسوف يجري، فمسؤولياتهم تاريخية، لذا فهم مطالبون بشحد أسلحتهم الفكرية لمواجهة كل من يحاول إخضاع الدين الإسلامي لأجندات هو بريئ منها.
اليوم الهجوم على أعراس وأفراح الناس واتهام شرف العائلات، وغدا ستتوسع دائرة منع الإختلاط لتشمل المدارس، والشوارع، والشواطئ والمسابح، والمطاعم، ...............غدا سيحددون لنا نوع الهواء الذي علينا استنشاقه، والأطعمة التي علينا تناولها، والألبسة التي علينا أن نرتديها ......غدا سيصادرون حقنا في التمتع بالحياة وبالنعم التي رزقنا بها سبحانه.....
طبعا لن يتمكنوا من اختراق استقرار هذا البلد الذي شكل عبر التاريخ مشتلا لإنبات قيم التسامح والتآخي، فنسائه ورجاله لهم من المناعة ما يمكنهم من صد كل الضربات الظلامية، ولكن لابد من اليقضة والمواطنة.
وزان: محمد حمضي :و.ن