من الصعب فهم مزاج جماعة العدل والإحسان وتقلبات هواها، إذ يصر أتباع الشيخ عبدالسلام ياسين على إقامة مخيمات صيفية، خاصة بهم، تحميهما فتوتهم، والويل كل الويل لمن اقترب منها، وفي نفس الوقت تصدر بلاغا تقول فيه إن السلطات المحلية لمدينة تازة منعت جمعية الأمل الوطنية من حقها في التخييم بسبب وجود أطفال أباؤهم من جماعة العدل والإحسان... هكذا.
يكشف هذا الموقف عن انفصام في شخصية العدل والإحسان، فما معنى أن تسعى الجماعة إلى إقامة مخيمات خاصة بها، بمبرر أن باقي المخيمات تعرف اتساع رقعة الرذيلة، وفي نفس الوقت تجتهد لإرسال أبناء مريديها تحت يافطة جمعية وطنية؟
وهل هذه الجمعية المعترف بها قانونيا جمعية مستقلة عن العدل والإحسان أم أنها مجرد واجهة من بين الواجهات القانونية التي تفننت الجماعة في ابتداعها من أجل إضفاء الشرعية القانونية على أنشطة أعضائها؟
منذ مدة ودور الشباب تعرف تفريخ العديد من الجمعيات التي تقف وراءها حركات اسلامية، من بينها العدل والإحسان من أجل التمويه على أنشطتها التي تستهدف أساسا تأطير الناشئة باعتبارها "الأمل"، ولقد نجحت هذه الجمعيات في احتلال مساحات شاسعة من فضاءات دور الشباب، كما نجحت في التضييق على الحركة الجمعوية التقدمية والحداثية، التي لم تعد تعثر على قاعة من أجل ممارسة نشاط...
وما حدث في تازة يكشف جيدا أن جماعة العدل والإحسان تجيد اللعب على كل الحبال، ففي الوقت الذي تدعي فيه حرمانها من إقامة مخيمات، وتقدم نفسها كضحية، تزرع مؤطريها وصغارها في كل المخيمات على طول الشواطئ، مستترة تحت جبة جمعيات تربوية أو ثقافية تُعنى بقضايا الطفولة، وحين يُفتضح أمرها، لأن دور المخيمات هو التأطير التربوي المبني على احترام الاختلاف ورح المواطنة، وليس التأطير الإديولوجي القائم على الاقصاء و"القومة" المزعومة، تسارع إلى استغلال صور تلك الطفولة من أجل التباكي على ضياع لحظة تأطيرية مسروقة من قلب براءة الطفولة...