|
|
|
|
|
أضيف في 01 يوليوز 2012 الساعة 12 : 21
رمضان مصباح الإدريسي
لو قتل عمر في كفره ما عرفنا الفاروق:
قال تعالى:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ظل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.." النحل
"وان من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار" 74البقرة:
لنرافق، حذرين، رجلا من عتاة قريش، وأشدهم عضلا وبأسا وعداء للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
انه يهرول ،وهو مقطب وغاضب ،لا تبارح عينيه صورة محمد.لقد قرر،اليوم، أن يضع حدا لحياة هذا الرجل الذي زعزع استقرار قريش وتماسك بطونها وأسرها.
يلتقيه رجل ،يخفي إيمانه، فيسأله ؛وان كان خمن مقصده: إلى أين ؟
يجيب: إلى محمد لأقتله. هكذا بكل صراحة،فالمجيب لا يعرف المواربة .
يحاول السائل أن يثنيه عن عزمه: أو يتركك بنو عبد المطلب؟
ينتبه، من فطنته، إلى القصد فيتهم سائله صارخا :أو صبئت أنت أيضا؟
يعيد السائل الكرة :قبل محمد، عليك بأهل بيتك أولا؛ملمحا إلى إسلام أخته وزوجها.
يشتد غضب القرشي فبغير وجهته،قاصدا بيت أخته فاطمة ؛وحينما يصل يبدأ بزوجها الصحابي سعيد بن زيد فيلكزه لكزة قوية ؛لكن، وهو يترنح من الضربة ،يصرخ في وجه صهره:أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟
وحينما ينهال على وجه أخته بضربة أدمته تصيح بدورها:أرأيت إن كان الحق في غير دينك؟
القرشي الغليظ الآن بين سؤالين أقوى من قبضته ؛وعيناه تنظران إلى صحيفة سقطت من يدي أخته.
يحملها ،ولعلها بثقل جبال مكة؛ثم يقرأ:
"طه1 ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى 2 إلا تذكرة لمن يخشى 3 تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلى 4 الرحمان على العرش استوى5..... " سورة طه
يتسمر في مكانه،مذهولا ،ثم يعيد القراءة ،ويعيد .
يلف الصمت المكان، ولا يسمع غير نحيب الأخت ،ولعله كان يغطي على دعواتها لأخيها بالهداية.
ماذا أقرأ؟ يقولها رجل غاضب، لم ترتخ عضلاته بعد.
شعر؟ لا. سجع كهان؟ لا.حديث جان؟لا.
ما هذا بكلام بشر ؛ثم لم ُيسمع بعدها إلا صوت عمر بن الخطاب وهو ينطق بالشهادتين مؤمنا بأن محمدا هو طه ؛وما نزل الله عليه القرآن ليشقى ،وليشقى الناس.
يعاود مساره الأول ؛لكن هذه المرة صوب محمد رسول الله ،صلى الله عليه وسلم؛لا ليقتله بل ليقتل في نفسه ،هو، عمر الكافر الذي كانه ؛وليولد الفاروق.
حينما يدلف عمر إلى دار الأرقم بن أبي الأرقم؛ حيث كان الرسول مع نفر من صحابته ،وفيهم سيدنا حمزة بن عبد المطلب ؛وهو متوثب كنمر، ليصد عن رسول الله شر عمر ،يطلب منه الرسول أن يهدأ.
يقترب صلى الله عليه وسلم من عمر، ويمسك- بقوة- بثوبه وبحمائل سيفه ثم يسأل- ولعله سؤال عارف:
" أما آن الأوان يا بان الخطاب"؟
تعالت تكبيرات الصحابة وهم يستمعون إلى شهادتي عمر ؛وعلمت قريش أن أوان عمر الآخر؛عمر الفاروق آن. وعلمت أيضا أن الإسلام خرج إلى العلن نهارا جهارا.
وكيف لا يكبر الصحابة وقد استجاب الله لدعوى الرسول إذ لهج،في ضعفه أمام عتاة قريش ، وفيهم عمر نفسه، داعيا أن يعز الله الإسلام بأحب الرجلين إليه :عمر بن الخطاب وأبي جهل.
ليس أحد العمرين كما شاع.(حسب ما رواه الترمذي،ابن حبان، الإمام أحمد،البيهقي،ابن سعد والطبراني).
لولا الدعوة ،بالحكمة ، لما أعز الله الإسلام بالفاروق:
ربما ما كان في المستضعفين الأولين ،من المؤمنين، من ينتظر صلاح عمر ،وانشراحه للإسلام؛عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم.ولعله لو طلب آراء صحابته في الرجل؛لما نصحوه بغير الحذر ،وتدبير هلاك هذا العدو ،الذي اجتمعت فيه عناصر قوة عديدة.
ولما كانت أخته بصدد قراءة صحيفتها، لم يدر بخلدها أنها الصحيفة التي ستقهر جبروت أخيها؛ حتى تفقده كل فصاحته عدا النطق بالشهادتين.لوعلمت لآثرته بها ،ابتداء؛ولحملتها إليه حملا ،ولو حبت إليه حبوا.
لكنها حكمة الله، قدر ودبر ،ورتب الخواتم على مقدمات لا نفهم القصد منه في حينها.
واطلب مثل هذه الحكمة في سورة يوسف أيضا؛فلولا حسد الإخوة وتآمرهم على أخيهم ؛ثم غدرهم به ؛لما تلاحقت الأحداث وصولا إلى نبي لله،صديق؛يُسترق ويُعشق ويُسجن ؛ثم يخرج بعدها الى مصر عزيزا مُعزا لدين الله. كانت طعنة واحدة من الإخوة كافية لتجهض كل شيء.
ولولا صبر يعقوب على أبنائه،وقد تيقن من كذبهم ،ما انتهى بهم الأمر ساجدين لتتحقق الرؤيا ،ويمضي حكم الله كما أراده.
لاح الطيش غربا ؛واستشاط الشطط شرقا:
لنعبر كل هذه الأعصر ،بكل عبرها، لنصل إلى ساعتنا هذه حيث نقف أمام رجلين:
أحدهما يقول لنا ،من خلال دفاعه عن فهمه الخاص للحرية الجنسية؛ولعله في هذا يوافق الكثير من الأفهام: لتتنفسوا هواء الحرية العليل –وأنتم داخل قصر- عليكم بإزاحة سقفه. لا تلتفتوا الى النوافذ و الأبواب فهي لا تفيدكم في شيء.
هذا منطق يذكرنا بالخلدونية الشهيرة التي فضحت عرب الخيام وأثافي النار؛وهم يحملون فؤوسهم إلى القصور لدكها دكا دكا ؛حتى يستخلصوا صخورها ،ويوزعوها في ما بينهم أثافي لقدورهم.
ولو قيل لهم مالكم والأثافي، وفي القصور مطابخ وزرابي وأرائك؟ لقالوا هذا فهمنا ، وهذه حريتنا ؛هكذا نريدها طليقة في الفيافي ،كالضباء واليرابيع وأبناء آوى وبناته. مالكم ؛فيم تمترون؟
اللهم أعز الإسلام بالغزيوي:
تلزمنا الحكمة ،التي خوطبنا بها ،منهاجا لدعوتنا-إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب- أن نتريث ولا نقف عند ظاهر الأمر ومنطوق القول ،وملا بسات الحال كما تبدوا لنا. لقد صبر الرسول على سيدنا عمر، وغير عمر؛والكفر كان منهم صريحا وممتشقا سيوفه.فإذا بالأحوال تتبدل إلى ما نعرف.
لم يتم الالتفات الى كلمة مهمة قالها الغزيوي لمحاورته ؛وهو يستدرك على سؤالها: لقد ناداها بالأخت الفاضلة. فهل له فهم خاص للفضل والفضيلة ،وهو يصرح بما يهدمهما هدما.بل لا يتورع عن إقحام من تحت أقدامها الجنة(أمه) .
لقد بدت لي الكلمة رشحا لما يعتمل في نفسه من صراع ؛لعله بين المقدس والمدنس ،بين الرذيلة والفضيلة ،بين إسلام سمح رضعه بالفطرة وإسلام يكشر عن كل ناب ويستقوي بالسباع.
ألا نقدم النظر الى الجذور الحية، قبل أن نحكم باليبس وقطع الشجرة ،باعتبارها لا خير في بقائها؟
ما أدرانا أن الغزيوي- وهو الشاب- سيراجع أفكاره غدا أو بعد غد؛حينما تزول سورة الغضب التي أنطقته فأصاب أول ما أصاب نون النسوة في مسكنه الخاص؟
ما أدرانا أنه سيعاود النظر الى السقف ،ويعدل عن هدمه ويكتفي بالنوافذ المشروعة والمشرعة ليستنشق نسيم الصباح.(الزواج ولو مثنى وثلاث ورباع)
لا تحكموا باستحالة المراجعة الفكرية والإيمانية وأنتم مطلعون،في القرآن الكريم، على أفعال أتاها الخضر عليه السلام ،وقد بدت لسيدنا موسى جورا وظلما من رفيقه ؛حتى خوطب ب:"انك لن تستطيع معي صبرا".
ولم نبتعد والمعجزات تترى أمام أعيننا:
المرزوقي، سجين الأمس، يصبح ساكن قرطاج ،محل سجانه؛المستجير بالبيت.
ومبارك الممدد ،كملك فرعوني ينتظر – بكل ذهبه وحنوطه- عالم آثار انجليزيا يكتشفه.أما من رفعه الله الى سدة الحكم فهو سجينه بالأمس الرئيس مرسي.
ومن كان يعتقد أن قبر القذافي سينتهي " كقبر حرب بمكان قفر*وليس قرب قبر حرب قبر"؟
اللهم اختم للنهاري باللين:
كم بدا واثقا من نفسه ،في تبعه –منتفضا متأهبا، مقبلا مدبرا،ضاحكا غاضبا- وهو "يديث" شابا،من تصنعه في دعواه ،سها عن طيشه،لحظة، وخاطب محاورته بالفضل صفة؛ ويكمل الشيخ: والديوث يقتل.
الله. هكذا دفعة واحدة ،في مجلس واحد؛لا هو مجلس فتوى ولا قضاء؟ أهذه هي المشيخة والإمامة؟
أين أنت من أبي حنيفة ،إذ سعى في تخليص جاره السكير،المؤذي لجيرانه، من صاحب الشرطة؟
نعم أنت لم تضرب غريمك ،مباشرة بالسيف ؛لكن من يضمن لك ألا يُفهم من كلامك أنك تفتي بالقتل؟
إن من شرع في قتل نجيب محفوظ أمي لم يقرأ لا "أولاد حارتنا" ولا " ثرثرة فوق النيل "ولا...ولا...
هم آلوا: ده كافر. هكذا صرح للشرطة. من يعصمك من تهمة متشدد،يقول: قالها الشيخ في وجدة.
ونتمنى السلامة للغزيوي.
مهلا ؛حينما تساءلت : وأين العلماء؟ هل لتستقوي بهم في فتواك ، أم لتعرف رأيهم في النازلة؟
تريث يار جل؛ فقد سئل أئمة كبار عن أمور يعلمها تلامذتهم فأجابوا: لا نعرف.
مهلا فقد كان الواحد من الأولين يمضي الشهر والشهرين وهو يتدبر آيات معدودات.
من أدراك ألا يحدث الله أمرا فتتبدل أحوالك ؛أوَ تعتقد أن الذين بدل الله إيمانهم كفرا رغبوا في ما انتهوا إليه؟
من أدراك ألا تصير إلى حال يمر عليك فيها الغزيوي-إياه- وهو داعية كبير ؛بعد أن بدل الله من حاله ،فينكر هجمتك ؛وما أنت بعالم للغيب ؛ولا مفوض ،تنكشف لك النفوس والسرائر.
تبدو لك اللوحة سريالية ؛وما هي كذلك في هذا العالم ،الذي أمضى عليه الله حكمه منذ الأزل.رتل القرآن وتدبره ،واستغفر . لا ترتل التهديد كما قال لك نبيل لحلو.
اني من مقدريك ،ومقدري خدمتك للسنة النبوية الطاهرة لكن أجد فيك غلظة وخشونة ؛وما ثبت أن الرسول أثنى عليهما صفتين في أحد من صحابته.
بل لم يجد ما يقوله لأبي ذر-وقد اشتهر بهما- غير نصحه بمفارقة أحياء المدينة الى بعيد ؛إذ أشفق عليه من أمور ستحدث ؛وهي مؤلمة لنفسه الوثابة كنفسك.
مهلا مهلا يارجل ؛وكن عوني وأنا أدعوا الله أن يختم لك باللين.
لو كنت فيهم إذ أقبل عليهم عمر –وهم يتوقعون شره- لضربت عنقه ،إن استطعت ، وهو يقترب من حبيبك المصطفى.
لكنه الرسول ؛وقد وعى أمر ربه، أن يدعو بالحكمة ،والموعظة الحسنة.
لست فيها الجذع وحدك ؛وليس فيها الغازي الوحيد:
انه دفاع الله الناس ،بآراء ،ومقولات تستدعي المناظرة ،وليس المضاربة؛وفي حضارتنا شواهد كثيرة على جلوس الفاضل للزنديق يحاججه؛ والفقيه للصوفي؛ والفيلسوف للفلاسفة والمناطقة؛وفي كل خير. وقد بدل الله أمر رابعة العدوية من تشوف داعر إلى تشوف صوفي.
لولا اشتعال النار في ما جاورت ما كان يعرف طيب ريح العود
فلِمَ تضيق صدورنا اليوم ،وقد ألغيت كل المسافات ؛ولم تعد تضرب، إلى مواطن العلم و الجدال، أكباد الإبل كما فعل الأقدمون.
لا يمكن أن ننظر الى مجتمعنا اليوم إلا عبر شبكة من العلاقات الناظمة ؛في جميع أموره المادية والمعنوية. شبكات فاعلة في بعضها البعض إيجابا وسلبا.
في عزل الظاهرة الاجتماعية- أي ظاهرة- قتل لها ؛ولا استقرار لأي حال على حاله.
وفي الأخير – وحتى دون تدخلنا المباشر- لا يصح إلا الصحيح الذي ترتضيه الفطرة التي فطرنا الله عليها.
أمسك عليك غضبك ؛وأمهل أمهل أمهل؛ثم اطلب الحكمة .
لقد ارتضى المغاربة الإسلام دينا ؛ورابطوا على الثغور لحمايته ،وليهنأ باقي الأمة ؛ولا يزالون في رباطهم ؛مؤمنين بقضايا الأمة ،كلها، حينما تخلى عنها الكثيرون ؛فلا تجزعن من رأي شاب يفكر بصوت مسموع ؛وهو لن يجد خلاصا حتى من أسرته أولا، وجيرانه.
نطلب له الهداية، وان رفضها ؛ونقيم عليه الحجة بأجداده وجداته ؛لكننا لا نقتله.
Ramdane3@gmail.com
|
|
2890 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|