يخبرنا السيد عبد العزيز أفتاتي البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية أن “الأجهزة المعلومة” تتدخل لصالح صلاح الدين مزوار وزير المالية السابق ورئيس التجمع الوطني للأحرار. وليثبت لنا أنه قوي بالفعل لا بألفاظ القول، يقول لنا إنه يتوفر على ملفات سيكشف عنها إن لم يتوقف دعم “الأجهزة المعلومة”.
لكن السيد أفتاتي، مسلحا بحزبة وفريقه النيابي، لا يقبل أن يمثل أمام القضاء، ليساعد العدالة في معرفة من تكون هذه “الأجهزة المعلومة”، وكيف تتدخل لصالح الوزير السابق، مثلما أنه يحتفظ لنفسه بالملفات التي يلوح بها، ويحفظها في مكان آمن.
شخصيا، يقلقني كلام أفتاتي حين آخذه على محمل الجد، إنه يعني أولا أن البوليس في بلدي مازال يمارس السياسة، ويعني أيضا أن رئيس الحكومة عاجز عن التحكم في الجهاز الأمني لحكومته. وهو يعني ثالثا أن هناك حالات فساد ثابتة وملفاتها جاهزة، لكن أحدهم يحجبها عن المغاربة ويخفيها عن القضاء.
وأفتاتي لا يريد أن يخدم وطنه، إنه يقول بكل بساطة إنه برلماني تحميه الحصانة البرلمانية من أن يمثل أمام القضاء، وهو يتهم وزير الداخلية امحند العنصر بأنه يجر الحكومة إلى التدخل في البرلمان وخرق مبدأ فصل السلط المنصوص عليه بشبه قداسة دستورية. أما الملفات الفاسدة كما يقول، فهي شأن خاص به، وسيستعملها وقت اللزوم في مواجهة خصومه السياسيين.
ماذا تعني الحصانة هنا في نهاية المطاف؟ هل هي حماية للبرلماني من تعسف السلطة التنفيذية، أم حصانة للإلتباس والفساد الذي يدعي البرلماني وجوده؟ أم أن الحصانة بكل بساطة حماية من ربط المسؤولية بالمحاسبة. ثم إن أفتاتي وهو يتسلح بالحصانة البرلمانية لم يعبر عن رأي أو موقف، بل أشار إلي وقائع مادية وحالات ملموسة، وتلك حكاية أخرى، تشبه أن يقول البرلماني إن زيدا لص يختلس المال العام، وحين يقاضيه زيد، يرفض الوقوف أمام القاضي، فقط لأنه برلماني محصن من المتابعة!!!.
في كل هذه القضية، وقبلها اتهامات زميله للولاة والعمال بالفساد المسنود بتقرير في حوزته، شيئ من العبث، فإما أن أفتاتي يطلق الكلام على عواهنه، مثلما تبث في حالة زميله بوانو الذي لم ينجح حتى اليوم في تسليم التقرير الذي أشار إليه إلى رئيسه في الحزب، وفي هذه الحالة يكون غير ذي مصداقية ويقوم بتمييع العمل البرلماني،أو أن أفتاتي يعني جيدا ما يقول ومع ذلك يرفض مساعدة العدالة، وفي هذه الحالة يكون قد اختار أن يكون متسترا على الفساد السياسي والمالي.
ليس وزير الداخلية امحند العنصر وحده الذي من حقه أن يعرف ماذا تفعله أجهزته الأمنية في السر. المغاربة أيضا ينتظرون من أفتاتي أن يعرفوا الحقيقة، وإن لم يفعل، سيكون من حقهم وواجبهم أن يردوا عليه كلما تكلم مستقبلا بالقول “وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما”.