بدأ "متطرفو" حركة 20 فبراير يفقدون أعصابهم، بعد أن خدلهم التاريخ، ولم ينحجوا لا في تحقيق القومة "المزعومة" ولا في إقامة الدولة " الملحدة" التي تكفر بكل شيء إلا نزوات الجسد "الآثمة" ولذاته المحرمة، حتى ولو كانت هذه اللذة مسروقة من أيام الصيام، وفي عز هجيرة رمضان. ولأن ليس لديها ما تخسره، بعد أن خسرت الدنيا والآخرة، خرجت علينا زينب الغزوي، بعد أن تملكها اليأس، وفقدت السيطرة على مشاعرها البراقة، وبعد أن فشلت في الحصول على دعم شعبي لدعوتها الشهيرة لهتك حرمة الشهر الذي أُنزل فيه القرآن، وفي حشد التأييد لندائها بمقاطعة التصويت على الدستور، فاختارت الهروب إلى الأمام، وألقت بصناديق الاقتراع وراء ظهرها، فأطلقت العنان للسانها، وقالت إن "محمد السادس أخطأ موعدا مع التاريخ وسيخرج من الباب الضيق كما كل الديكتاتوريين". ولهذه الآنسة أو السيدة، مادامت لاتميز بينهما، نقول: أولا: هل هناك ديكتاتور في التاريخ يضمن حرية التعبير بهذا الحجم، ويسمح بنشر هذا الكلام في جريدة من دون أن يطالها الحجز والمنع والمتابعة؟ ثانيا: هل هناك ديكتاتور في التاريخ وفر الحماية اللازمة لفئة من المارقين الجدد أرادوا الإفطار علنا في رمضان ضاربين بعرض الحائط بالدين الرسمي للدولة، لأنه يعلم أن هذه الرغبة هي مجرد طيش شباب، ولأنه يعلم أنه لو تركهم يفعلون ما أرادوا القيام بها علنا لمزقهم أولئك الذين يتحالفون معهم اليوم، فكان لابد من إعمال القانون؟ ثالثا: هل هناك ديكتاتور يترك الجيش في الثكنات حين يخرج الناس إلى التظاهر بالشوارع، ويكتفي الأمن ـ في غالب الأحيان ـ بالمراقبة وضبط النظام؟ رابعا: هل هناك ديكتاتور في التاريخ يفتح وسائل الإعلام العمومية في وجه كل الداعين إلى مقاطعة الدستور أو التصويت عليه بلا؟ الواقع أن الذين أخطأوا موعدا مع التاريخ هم الذين قرروا المقاطعة، لأنهم أرادوا أن يفرضوا على شعب بكامله منطق "شدوني من فوق الحمار أولا نطيح"، ولا شك أن السقوط المدوي جاء بعد إعلان النتائج، أما أمثال السيدة زينب فستجد نفسها على هامش التاريخ، لأن التاريخ لايرحم،وسيضعها،في المكان المناسب لمثلها من السحاقياتز وهو المؤهل للفصل بين الجد والهزل. ومهما يكن فإن التاريخ منصف، ومنصف جدا، فلا يكفي الإدعاء أن الأرض منبسطة لتتوقف عن الدوران، وليس من الضروري في اللحظات الحاسمة الالتفات لصرخات الأطفال، لأن الطفل لمّا يعجز عن فهم كيف تشتغل " اللعبة" يعمد إلى تكسيرها ثم يشرع في الصراخ، وهذا ما تحاول أن تفعله السيدة زينب الآن، وفعلته من قبل من دون أن يلتفت لها أحد إلا الأطفال مثلها الذين يحرضونها على الكسر.والإنبطاح المسهل للنهش والوطأ..