سعيد بورجي
لا شك أن عملية البناء، أي بناء، لا تأتي بالسهولة التي يتصورها البعض، فكيف بها عندما تكون عملية إعادة بناء.
وحتى نشخص الأمور، ونحن بصدد ما يعرفه المجتمع المغربي من تحولات سياسية انخرط فيها الجميع بقدرة قادر بعد سبات عميق لسنوات عجاف، لعب فيها من لعب، وكسب فيها من كسب، وهرب فيها – بتشديد الراء- من هرب، كما تعب فيها من تعب حتى لا نبخس البعض إيجابياتهم كما يعمل البعض اليوم ممن ألفوا الاصطياد في المياه العكرة، لا بد من التعاطي مع جهة مفروض فيها أن تكون حيادية مع المعطيات المستجدة في واقع المغرب وما يروج فيه وما يموج من ردود أفعال اتجاه ما تقوم به حكومة ما بعد الدستور الجديد المؤطر الفريد لما ينبغي أن تسير عليه الأمور نحو مستقبل سعيد، مطمئن لمن يعيش الحاضر على وقع مرارة الماضي التليد…
إلا أن ما يحز في النفس ويدمي القلب هو حينما يحمل الإعلام معول الهدم، ولا أقول كل الإعلام، وإنما يكون كذلك عندما يخفت صوت بعضه أمام الهجمة الشرسة الممارسة منه على كل صغيرة وكبيرة من أعمال هذه الحكومة، الشيء الذي لم يعرف التاريخ المغربي له مثيل، “طاحت الصمعة، علقوا الحجام” بل يزيد الأمر إلى حد إحصاء الحركات والسكنات بله الهفوات والفلتات، “آآآآآو ياك لاباس”؟ وما الذي يدري؟ هل من وراء كل هذا أحد؟ الله وحده أعلم، العزيز الجبار… وهو ما يستبعده البعض من الحسبان، مع الأسف الشديد، يحسب الحق له في الصولة والصولجان، بوهم السلطة الرابعة التي لا تقهر، أو لقب “صاحبة الجلالة”…؟؟؟ وبالتالي له أن يقول ما يشاء، ويكتب ما يشاء، ويرفع من يشاء، ويخفض من يشاء. عندها يصبح من الواجب توضيح ولو بعض الإشارات من هذا القبيل للرأي العام الذي سوف لن ينساق معها جملة، لذكائه الفياض وقت الاختيار، و “عند الامتحان يعز المرء أو يهان” آنذاك يقال ” قضي الامر الذي فيه تستفتيان”.
ولكن من أجل تذكير غير المهتمين المستهدفين من طرف هؤلاء، بما يجري في الساحة الإعلامية المغربية، من خلال بعض المنابر، أقول: ما معنى أن يقحم الصحافي نفسه في توجيه اللكمات المسمومة أحيانا اتجاه الطرف المقصود بشتى الوسائل مستغلا نفوذه واستعمال الشطط فيه؟… ولو شئتم لأتيت بما يثبت ذلك لولا تحاشي استغلال المسألة لافتعال تهم التشهير والتحريض مما هو مولوع به أصحاب الحال… وتكفي مجرد إشارة إلى برنامج صباحي يطرح موضوعين للمناقشة مع المستمعين عبر الهاتف بإحدى الإذاعات البيضاوية… كبف يدير مقدمه المسألة بما لا يليق من تحوير وخطف للكلمة من صاحبها المحاور – بفتح الواو- كلما وجد منه تدخلا لا يرضيه هو، بوقاحة قل نظيرها إلا في من تلمس فيه عدوانية اتجاه جهة معينة… ومن أجرى إطلالة على صحف السبت/الأحد الأخيرين يجد نفسه أمام عناوين مثيرة على ثلاث صفحات داخلية، كونت ملفا شمل قرار الزيادة في المحروقات، لا أثر للطرف المقصود فيه ما هو مقصود، ولو بكلمة واحدة توضح للقاريء سبب الزيادة، مما يجعل هذه الصحيفة في قفص الاتهام باستبعاد أحد الأطراف التـي ينبغي منطقيا أن يعرف رأيها في موضوع الملف المطروح أمام الرأي العام حتى ولو كان محدودا في مجموع قراء الصحيفة … وإليكم بعض العناوين كما وردت في هذه الجريدة:
“لهيب أسعار المحروقات يهدد قفة المغاربة”،،،
“المحروقات…الحل السهل لمواجهة الأزمة”،،،
“الفقيه اللي تسنينا براكتو…” “التبوهيل” والنوايا الحسنة إلى حد الشعبوية لا تمنح حلولا ناجعة بل تبيع الوهم وتولد الإحباط”،،،
“فهمتوني ولالالا؟”،،، وعناوين أخرى شبيهة كلها تصب في خانة طرف واحد، هو من ضد الزيادة، لغرض في نفس أصحابها الصحافيين المحترمين الذين لا أعيب عليهم هذا، ولكن اللوم الشديد عليهم يكمن في ضرب مهنة الصحافة بوضع ملف مهم على صفحاتها منقوص المعطيات، وبالتالي لا يمكن بحال أن يحمل اسم “ملف”.
وما زاد المسألة سوءا هو حشوه بما لا يليق من مفردات التحريض والتحريش والتشويش على القاريء، الشيء الذي لا يمكن أن يساهم في البناء المنشود في بلد على ما فيه من خيرات الاستقرار محسود.
“بلادي وإن جارت علي عزيزة ــــــ وقومي وإن ضنوا علي كرام”