يبدو أن المفعول السحري لمشروب "الريدبول" الذي تمتع به الشيخ عمر الحدوشي، وكان يمد يده لفتح باب الثلاجة لإكرام زائريه بقنينة منه، في غرفة توفرت فيها كل شروط العيش الرغيد، ولو أنها داخل السجن المدني بتطوان، كما حدث مع المدير العام لإدارة السجون، حفيظ بنهاشم،... يبدو أن هذا المفعول لم يِؤت أكله إلا بعد أن استفاد من عفو ملكي بالتماس من وزير العدل والحريات، السيد مصطفى الرميد.
وهكذا فبمجرد أن غادر أسوار السجن في عيد المولد النبوي الماضي، نسى كل تلك الخيرات التي كان ينعم بها بما في ذلك تلفازا وجهاز "TNT"الذي لم يدخل لحد الآن بيوت أغلب المغاربة، لكنه وجد طريقه إلى غرفة الشيخ عمر الحدوشي، (هكذا) ضرب بعرض الحائط كل هذه الامتيازات وتناساها، وشرع ينسج ا الحكايات الطوال والغليظة السمان عما تعرض له من تعذيب، ناكرا كل الجميل الذي جعله ينعم في "غياهب" السجن بما لا ينعم به فقراء هذه البلاد وحتى شرائح من الطبقة المتوسطة...
هكذا إذن عرى "الشيخ" على عضلاته، وأخذ يستعرض فتوته التي لم تصمد أمام أول امتحان، حين طلب وزير العدل والحريات بفتح تحقيق في ما ادعاه من تعرض لمحاولة اغتيال، اتضح أن عمر الحدوشي افتعالها بمحض إرادته، غير أن الحبكة خانته، فسقط في شراك الريبة والشك، ثم عاد أدراجا إلى الوراء مشككا في مسلسل الانصاف والمصالحة الذي قاده الراحل إدريس بنزكري، وهي المصالحة التي أثمرت جيلا جديدا من الاصلاحات، لا يتغاضى عنها إلا أعمى.
إن ما يحدث من هجوم على المؤسسات وعلى تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة وبحضور وتزكية قياديين في حزب العدالة والتنمية، يشي أن ثمة مخطط لوأد التجربة، والتخلص من توصياتها التي لايزال الكثير منها ينتظر التنزيل على أرض الواقع، ولما لا اقتراح مصالحة جديدة يكون "أبطالها " هذه المرة هم إرهابيو 16 ماي 2003 .
رشيد الانباري