لابد من تسجيل الاحترام والتقدير للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان التي توفرت لها الجرأة الكافية لتطلب من المدافعين عن حقوق الإنسان عدم تحويل القضايا الجنائية إلى سياسية، والتمييز بين الاعتقال الذي يتم بعد إدلاء مواطن برأيه في شؤون السياسة وبين سياسي أو حقوقي أو مناضل جمعوي أو صحافي يتم اعتقاله بعد ارتكابه لجنحة أو جريمة. أكد بيان صادر عن المنظمة عدم احترام بعض الناشطين للمقتضيات القانونية ومحاولة تكييف بعض القضايا ذات الصلة بالحق العام إلى قضايا سياسية، ودعت المنظمة جميع الناشطين إلى احترام القانون ومؤسسات وموظفي الدولة كشرط لاعتبار سلمية احتجاجاتهم ونضالاتهم المشروعة. وقد جاء بيان المنظمة في وقت تزايدت فيه الخروقات التي يرتكبها المناضلون مما لا يدع أمامهم أية حجة في زعم أن قوات الأمن تمارس القمع، وأصبح معروفا لدى الجميع أن مجموعة من المناضلين أو من محترفي النضال أو من هواته الجدد يقومون باستفزازات كي يتم اعتقالهم من أجل توظيف ذلك في الدعاية لأشخاص نكرة أو محاولات الترميز في أفق السيطرة على حركة الشارع. وقد تنبه متتبعون إلى أن مجموعة من العناصر التي لم تجد لها مكانا في حركة الشارع تفتعل الصراع مع رجال الأمن أو تهاجم المؤسسات ليس نقدا وإنما سبا وشتما قصد التعرض للاعتقال الذي أصبح هو الرأسمال الواحد عند بعض المناضلين، فبعد الفشل في إيجاد كاريزما حقيقية نتيجة تأطير الشعب يتم اللجوء إلى هذه الحيلة من أجل السيطرة على حركة الشارع. وأصبح العديد من المناضلين ليس لهم من رأسمال سوى بعض الساعات في مفوضيات الشرطة أو بعض الأشهر في السجن، ولاحظ أعضاء حركة 20 فبراير بالدار البيضاء كيف حاول مغني الراب الحاقد بعد قضائه أربعة أشهر سجنا السيطرة على الحركة بل ادعى أنه الأحق بقيادتها رغم وجود مناضلين متمرسين في الأحزاب والنقابات. وقد أثيرت قضية عدم احترام بعض الناشطين للمقتضيات القانونية ومحاولة تكييف بعض القضايا ذات الصلة بالحق العام إلى قضايا سياسية بموازاة محاكمة أحد مناضلي شبيبة الطليعة وحركة 20 فبراير الذي يطلقون عليه شاعر الحركة الذي يتقن السب والقذف والشتم فيما يسمى أشعارا، وأضاف إليها توابل أخرى تتعلق بأفعال أخرى لا علاقة لها بالنضال السياسي والحقوقي حيث اتهم بتهم السب والقذف والاعتداء على رجال أمن ومحاولة اقتحام مؤسسة عمومية أثناء التضامن مع الحاقد. إن المناضل، حسب دلالات بيان المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، ليس مواطنا فوق المواطنين، وليس مواطنا فوق القانون، لأنه لا يمكن تأسيس دولة الحق والقانون إذا لم يتم الالتزام بالقوانين الجاري بها العمل، والمنطق يفرض احترام القانون حتى لو كنا نختلف حوله أو نرفضه حتى يتم استبداله بقانون آخر. أما إصرار بعض المناضلين على خرق القوانين فهو محاولة للدخول إلى عصر الفوضى الذي لن يستفيد منه أحد بل سيدمر الجميع ويحرق الأخضر واليابس.
افتتاحية النهار.