زهير دراجي.
طالت الانقسامات والخلافات التي تعصف بأكبر الأحزاب الجزائرية أقدم حزب معارض بالجزائر؛ "حزب جبهة القوى الاشتراكية" بقيادة الوجه التاريخي للثورة الجزائرية حسين آيت أحمد، في تطور يكرّس ظاهرة بدأت تميز الحياة السياسية في الجزائر وازدادت وضوحا بمناسبة الانتخابات التشريعية الأخيرة وهي تفكك الأحزاب وارتدادها إلى مجرد مجموعات مصالح متصارعة على الامتيازات والمكاسب المادية الفردية.
ولا تستثني الظاهرة حزب السلطة "جبهة التحرير الوطني" وأكبر معارضيه بمن فيهم الاسلاميون، مسدية خدمة جليلة للعسكر لتوطيد سلطتهم بالبلد من خلال إدارتهم لخيوط اللعبة من وراء الستار متجاوزين "الاتفاق" الضمني على تقاسم الأدوار مع القصر، وهو التوازن الذي قامت عليه عملية الحكم في الجزائر من مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى السلطة.
وقررت القيادة الجديدة لجبهة القوى الاشتراكية، أقدم حزب معارض في الجزائر، تعليق نشاط أمينها العام السابق كريم طابو بسبب انتقادات وجهها إلى القيادة الحالية بمحاولة جر الحزب إلى صفوف نظام الحكم.
وقبل "جبهة القوى الاشتراكية" كانت خلافات وصراعات حادة هزت حزب "جبهة التحرير الوطني" الحاكم، بعد حركة تمرد من قبل قياديين فيها على سلطة الأمين العام عبد العزيز بلخادم ومحاولة خلعه.
وطالت الانقسامات الاسلاميين الذين دخل فريق منهم الانتخابات الاخيرة في جبهة موحدة حملت اسم "الجزائر الخضراء" لكن هزيمتهم جعلت الاتهامات والمشاحنات تدب في صفوفهم.
وتوجهت الاتهامات أساسا لشخص الرجل الأول في "حركة مجتمع السلم" "إخوان"، وتركزت حول تكتيكه الفاشل الذي أخرج الحركة من معادلة السلطة وحرمها نصيبها في الحكومة.
وتروج أنباء عن انشقاق عمار غول وزير الأشغال العمومية الناجح وصاحب الشعبية الواسعة عن الحركة، ورفضه مقاطعة البرلمان.
وفي أحدث تطورات الصراع داخل الأحزاب الجزائرية جاء في بيان صادر عن "جبهة القوى الاشتراكية" نشر الخميس "ان الأمين الوطني الأول للجبهة علي العسكري قد اتخذ الأربعاء إجراء تحفظيا بتعليق كافة نشاطات كريم طابو عضو المجلس الوطني داخل الحزب وباسمه".
وأوضح البيان أن القرار اتخذ "عقب التصرفات والتصريحات غير اللائقة التي قام بها بشكل علني ضد الحزب وهياكله".
وأكد أنه "بمقتضى القوانين الأساسية ومواثيق الحزب فإن كريم طابو سيتم إحالته أمام اللجنة الوطنية للوساطة وتسوية النزاعات ليرد على الأخطاء من الدرجة الثالثة المنسوبة له"، وهي "عدم احترام أسس وأهداف الحزب وقوانينه الأساسية ومواثيقه وانتقاد مناضليه وقيادته من خلال تصريحات عامة ومكتوبة".
كما سيجيب أمام اللجنة عن سبب "رفضه تنفيذ تعليمات هيئات الحزب ومصادرة وثائق للحزب ونشر إشاعات وانتقاد كوادر الحزب".
ويأتي قرار الحزب الذي يرأسه احد زعماء ثورة التحرير الجزائرية حسين آيت أحمد الموجود في منفاه الاختياري بسويسرا بعد أن اتهم طابو الذي كان يشغل قبل ثلاثة أشهر فقط منصب الأمانة العامة للحزب.
يشار الى أن حزب جبهة القوى الإشتراكية قبِل نتائج الإنتخابات البرلمانية الأخيرة التي منحتها 27 مقعدا في البرلمان والتي انتقدتها المعارضة.
واعتبر طابو وهو من القيادات الشابة للحزب أن القيادة الحالية للحزب تعمل على "التطبيع مع النظام"، مشيرا إلى "وجود مساع لتحويل الحزب عن أية فكرة معارضة راديكالية للنظام"، وأن القيادة الحالية للحزب "تقود الحزب نحو التطبيع بغرض المشاركة في التوازنات الداخلية للنظام".
وكانت جبهة القوى الاشتراكية رفضت المشاركة في الانتخابات البرلمانية في 2002 و2007، وقد قررت المشاركة هذه المرة "لإعادة الفعل السياسي" للساحة السياسية الجزائرية.
وتأسست الجبهة على يد حسين آيت أحمد العام 1963 وبدأت نشاطاً مسلحاً ضد نظام الحكم الجديد آنذاك ثم تحولت إلى النشاط السياسي السري مع فرار زعيمها إلى الخارج بعد تمكنه من الفرار من السجن.
وتدعو الجبهة إلى إنشاء برلمان تأسيسي يتشكل من كل القوى السياسية تكون مهمته وضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة.
العرب