تقدم قناة "روسيا اليوم" مقابلة مع نبيل عيوش المخرج المغربي الذي يشارك في مهرجان كان الدولي في نسخته الـ 65 بفيلم "يا خيل الله". يتناول هذا الفيلم الذي يتنافس ضمن فعاليات مسابقة "نظرة خاصة" في المهرجان، قضية الارهاب من خلال تسليط الضوء على تفجيرات الدار البيضاء عام 2003.
س ـ حدثنا من فضلك عن فيلمك. ما هو الهدف من هذا العمل؟
ـ لقد سئمت الافلام الامريكية، التي تتحدث عن واقع الحياة في العالم العربي، عن الحياة اليومية التي نعيشها وعن ثقافتنا كعرب. لو لم يقم المخرجون العرب بالحديث عن مواضيع كهذه وان لم يتناولوا في افلامهم هذا الجانب فبالتأكيد سيقوم بهذه المهمة مخرجون آخرون، وفي هذه الحال سيطرحون الموضوعات العربية من وجهة نظرهم. من الضروري لنا ان نعبر عن حياتنا في الوطن العربي كما نراها نحن. انا اتيت من المغرب حيث ينتشر الفقر والتطرف ويبرز التيار الاسلامي. انا ارى كيف يؤثر ذلك على الشباب وهذا ما اردت ان يعكسه الفيلم.
س ـ اخترت ان تسمي عملك " ياخيل الله". لماذا اخترت ها الاسم تحديدا وماذا يعني؟
ـ يعود إلى بدايات ظهور الاسلام حيث قال النبي محمد "يا خيل الله" اركبي وإلى الله ارغبي ولك تفتح ابواب الجنة" وكان هذا بمثابة دعوة إلى الجهاد. واستخدم هذا التعبير مرارا خلال الحقب المختلفة في الدعوة إلى الجهاد. وفي زمننا الحاضر استخدمت نفس التعبير القاعدة واسامة بن لادن وغيرهم. من ناحيتي ارى في هذا التعبير شاعرية معينة وكأنه دعوة إلى لقاء رومانسي. اعجبتني الفكرة واردت للعنوان ان يعكس هذين الجانبين.
س ـ ما هي الرسالة التي اردت ان توجهها من خلال هذا الفيلم؟
ـ اتمنى أن يشكل الناس وجهة نظرهم الخاصة عن الاسلام عندما يشاهدون الفيلم، المهم بالنسبة لي أن يفهم المشاهد الحد الفاصل ما بين الاسلام من جهة والتطرف والراديكالية من جهة أخرى فهما مختلفان تماما، إذ يمكنك أن تجد التطرف في اي ديانة. فاي ديانة يمكنها ان تدعو إلى السلام او العنف. لكن الاهم بالنسبة لي كمخرج هو محاولة الخروج عن النماذج الكلاسيكية التقليدية او ميزان الخير والشر وعن ادعاء ان الفقر يقود إلى العمليات الانتحارية، فهذه مفاهيم غير صحيحة، فليس دائما الفقر هو المسؤول عن العمليات الانتحارية فلو كان ذلك حقيقيا لرأينا العديد من العمليات الانتحارية حول العالم. اردت ان اذهب إلى عمق العامل البشري ومحاولة ضبط جميع الصدمات الصغيرة التي قد تؤثر على الفتى في مقتبل العمر ولاحقا تجعله ارضا خصبة لافكار وايدولوجيات متطرفة. من المهم رصد هذا التعقيد.
س ـ هل تأثر فيلمك باحداث الربيع العربي. هل ادخلت بعض التعديلات لهذا الفيلم بعد الربيع العربي؟
ـ لا... لم أتأثر كمخرج باحداث الربيع العربي لكني تأثرت كمواطن يفهم طبيعة المشاكل في بلده وعلى قناعة بضرورة التغيير. انا لست صحفيا ولا اشعر بواجب الاستجابة السريعة للاحداث. كمخرج علي أن اتمهل وآخذ وقتا مستقطعا للتفكير فيما يحدث حتى افهم الاحداث واحلل النتائج، لقد استغرقت سبع سنوات لافهم واروي احداث 16 مايو/ ايار عام 2003 فكيف اتحدث عن احداث لم تنته بعد. س ـ يتحدث الفيلم ويتناول الاحداث الارهابية عام 2003 في الدار البيضاء.
كيف اثرت فيك هذه الاحداث كمخرج ولماذا تطرقت الى هذه الحادثة تحديدا؟
ـ انا اعيش في الدار البيضاء وكنت هناك في مايو/ ايار 2003 وكاي مغربي شعرت بالصدمة مما حدث. في البداية ظننا ان المفجرين قدموا من افغانستان أو باكستان او العراق لكن عندما عرفنا انهم شباب صغار لا يبلغون أكثر من عشرين عاما من حي الصفيح على بعد اميال من حيث نعيش شعرنا بالصدمة. المجتمع المغربي مسالم بطبيعته تتعايش فيه الاديان المختلفة والثقافات المتعددة منذ قرون لذا كمغربي شعرت بالغضب وخرجت إلى الشارع وتظاهرت كغيري من المغاربة وصرخت باعلى صوت "لا تمسوا بلادي" إنها ردود فعل طبيعية لاي انسان سواء كان من لندن او باريس أو مدريد أو من روسيا. لاحقا عندما بدأت في التفكير وجدت ان هناك الكثير من الضحايا لكن هؤلاء الفتية الصغار هم ضحايا أيضا وهم بحاجة إلى المساعدة. علينا أن نفهم كيف ولماذا حصل هذا ومن المسؤول عن تعبئة هؤلاء الفتية وهذا هو تحديدا موضوع فيلم يا خيل الله.
س ـ ولدت وترعرت في عائلة خليطة من أب مغربي مسلم وأم فرنسية يهودية. كيف اثر ذلك على طبيعة طرحك لموضوع فيلم "يا خيل الله"؟
ـ عندما كنت صغيرا كان من الصعب علي تقبل انه ليس لدي وطن واحد ولغة واحدة كغيري، كما أن حقيقة أني نصف مسلم نصف يهودي جعلت الموضوع حتى اصعب. انا مدين للسينما والكاميرا التي ساعدتني على فهم هويتي الشخصية بالدرجة الاولى ومن ثم التطرق إلى موضوع الهوية بشكل عام.
س ـ هل كان هذا سببا لاختيارك هذا الموضوع تحديدا واهتمامك فيه لو كنت من عائلة مختلفة لو كنت من عائلة مغربية كاملة مسلمة، هل كنت اخترت هذا الموضوع تحديدا؟
بالتأكيد لا، فلقد عملت هذا الفيلم متأثرا بحكايتي الشخصية وتاريخ حياتي.
س ـ ماذا يعني لك المشاركة في مهرجان كان وما هي فرص فيلم "يا خيل الله"؟
ـ مهرجان كان فرصة ذهبية للمخرج، هنا تبدأ بالحصول على الاعتراف الدولي.