مرة أخرى يتحفنا عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، بعبارات وكلمات وقهقهات وقفشات غير مألوفة في المؤسسة التشريعية.
مرة أخرى نرى رئيس حكومة قاري صواريه مزيان، يستمع إلى الأسئلة، ويستشير من إلى جانبه، وهو عبد الله باها، في هذه الحالة، ويصعد إلى المنبر، ويشرع في قراءة الأجوبة، إنما سرعان ما يترك الورقة ليشرع في الارتجال، ويخرج عينيه في السائلين.
مرة أخرى نرى رئيس حكومة يعرف أسماء النواب، ويناديهم بها، وبين الفينة والأخرى يعلن ما يشبه التحدي، وهو يخاطب ممثلي الشعب: يالاه جاوبوني، جاوبوني، وهو يدري أن لا شيء في القانون يسمح لهم بالجواب، وإن حاولوا، صرخ فيهم: خليوني نهضر ولا نمشي فحالي.
مرة أخرى نسمع رئيس حكومة واضح، أو هكذا يحاول أو يسوق صورته لدى الرأي العام، كيقول اللي قال ليه راسو، أو هكذا نخال، ولا يجد حرجا في القول: ما كنقولش كلشي وما كنخبيش كلشي.
ما لا يعرفه ما تابع أول جلسة للأسئلة الشفوية يحضرها بنكيران، وهو مجبر دستوريا على الالتزام بهذه “العادة الشهرية”، هو أن الرجل يبهر المحسوبين على المعارضة أكثر مما يبهر أغلبيته، فإخوانه في العدالة والتنمية يعرفون قدراته الخطابية، ويعرفون قدرته على أن يقود الهجومات المضادة ليسجل الأهداف، وقد فعل أكثر من مرة، في جلسة الاثنين (14 ماي)، حتى أنه أحرج، أو كاد يحرج، الكثيرين، وهو ينبههم إلى أنهم يطالبونه يخرق قانون صادق عليه مجلس النواب نفسه.
مثلما قال قيادي في حزب محسوب على المعارضة، وقد استمع إلى بنكيران، الرجل ما ساهلش، وهو حين جاء إلى مجلس النواب لم يخاطب ممثلي الأمة، أو سعى إلى نيل رضاهم، وإنما خاطب الرأي العام وقد يكون نجح في نيل رضاه، وإن واضب على الحضور مرة في الشهر ساهم، بشكل كبير، في رفع الضيم عن المؤسسة التشريعية، وإن كانت الأخيرة، من باب الإنصاف، تتخلص، تدريجيا، من حالة الفتور التي عاشتها على مدى العقد الأخير.
صحيح أن المطلوب من بنكيران، وحكومته، ليس الفرجة، أو الخطابة، أو الترفيه، وإنما العمل، إلا أنه، والمغرب يسعى إلى إعادة الاعتبار إلى السياسة، في حاجة إلى هذا النوع من الخرجات: رجل يبدو صادقا ما عندو ما يخبي، وكرشو ما فيهاش العجينة، وكلامو مغربي صرف، وصنطيحته مغربية أيضا، وعصبيته مغربية أيضا.
بيناتنا يا الخوت، بنكيران يلا ما دار والو فهو على الأقل أكد لنا أن الوزراء أيضا بشر. وهذا في حد ذاته إنجاز.
الله يخلف عليه.
تشاو تشاو، وبلغة رئيس الحكومة: الله يعاون العاونات.
لفقيه بوصنطيحة