|
|
|
|
|
أضيف في 09 ماي 2012 الساعة 57 : 10
من هم أمراء الموساد
يطلق اسم "الموساد" على جهاز الاستخبارات الخارجية الصهيوني، والاسم الرسمي الكامل للموساد هو "مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة"، وأدت سلسلة من الفضائح والعمليات الفاشلة، التي مني بها جهاز المخابرات الصهيوني (الموساد) خلال السنوات الاخيرة، والتي كان آخرها قضية الشكوك القوية حول وجود جاسوس صهيوني في وزارة الدفاع الأميركية.وقبلها قضية إلقاء القبض على عملاء لهذا الجهاز في نيوزيلاندا وتقديمهم إلى المحاكمة بتهمة إنتهاك سيادة تلك الدولة وتفاعلاتها المستمرة حتى الآن، الى تسليط قدر كبير من الاضواء الصحافية والاعلامية على هذا الجهاز الذي حرصت الدولة العبرية منذ تأسيسه في العام 1951، على اضفاء هالة من الغموض، وستار من السرية والتكتم الشديدين، على عمله وأنشطته التجسسية وعملياته الخاصة.
ولعله لم يكن من باب المصادفة ان يستهل الرئيس السابق للموساد، افرايم هليفي، مهام منصبه بعد يومين على صدور القرار الرسمي بتعيينه في الرابع من اذار 1998، بنشر مقالة مذيلة بتوقيعه في احدى الصحف العبرية الاوسع انتشارا في الدولة العبرية، قيمت على انها محاولة من جانب "هليفي"، الذي امضى سنوات طويلة من الخدمة في "الموساد"، لخطب ود الصهاينة ولاصلاح صورة الجهاز وسمعته التي اهتزت في نظرهم بفعل سلسلة الفضائح والاخفاقات المتتالية التي تعرض لها، وأدت تداعيات اثنين منها مني بهما الجهاز على التوالي عام 1996، بفشل فريق من عملائه في تنفيذ محاولة اغتيال في الاردن استهدفت رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الاسلامية "حماس" خالد مشعل، (في ايلول 1996)، واخفاق فريق آخر من عملاء الجهاز في تنفيذ عملية تجسس في سويسرا (في شباط 1997)، الى الاطاحة برؤوس عدد من كبار قادة ومسؤولي "الموساد" بينهم رئيسه الجنرال داني ياتوم، الذي اضطر مرغما الى تقديم استقالته من منصبه، ورئيس قسم العمليات في الجهاز الذي استقال طوعا (قبل ياتوم) بعد فترة قصيرة من تكشف فضيحة فشل محاولة اغتيال مشعل، فضلا عما تسببت به فضيحتا الفشل من ضرر واساءة كبيرين لسمعة اسرائيل وموقفها عربيا ودوليا وعلى الاخص علاقاتها مع الاردن.
يطلق اسم "الموساد" على جهاز الاستخبارات الخارجية الصهيوني، والاسم الرسمي الكامل للموساد هو "مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة".. تأسس "الموساد" في العام 1951 بقرار صدر عن اول رئيس وزراء للدولة العبرية، ديفيد بن غوريون، ليكون بمثابة ذراع استخبارات خارجية رئيسي ضمن اجهزة الاستخبارات السرية المتعددة التي عملت في ذلك الوقت في خدمة الحركة الصهيونية ودولتها الوليدة التي لم يكن قد مضى على اعلان قيامها في الجزء الاكبر من حدود فلسطين التاريخية سوى ثلاث سنوات.
وقد تشكل "على انقاض الدائرة السياسية" التي عملت في نطاق وزارة الخارجية الصهيونية في حينه ، وكانت مهمتها الرئيسية جمع المعلومات خارج اسرائيل.. وقد عمل "الموساد" في البداية تحت تسميات مختلفة ، منها " المركز الرئيسي للتنسيق " ، ثم "المؤسسة الرئيسية للاستخبارات والامن" وانتهى لاحقا بظهوره باسمه الرسمي الحالي "مؤسسة الاستخبارات والمهمات الخاصة".. ويعتبر الاول من نيسان عام 1951، من ناحية رسمية ، يوم تأسيس " الموساد" ، حيث قام رئيس وزراء الدولة العبرية "بن غوريون" بتعيين مستشاره ومساعده الخاص للشؤون الخارجية "روبين شيلوح"، واسمه الحقيقي "روبين زاسلانسكي"، ليكون اول مدير (رئيس) لجهاز "الموساد". ولما كان "شيلوح" من بين الناشطين الصهيونيين الذين اوكلوا بتأدية مهام سرية وتجسسية منذ الثلاثينيات، بما في ذلك في دول عربية، وأحد الذين عهدت اليهم المنظمة العسكرية المركزية في الحركة – الصهيونية (الهاغناه) في اواسط الثلاثينيات بمهمة اقامة "دائرة مخابرات محترفة لحماية المصالح البعيدة المدى للييشوف اليهودي" في فلسطين، لتظهر بعد ذلك بفترة وجيزة اول مؤسسة استخبارات في الحركة الصهيونية عرفت في حينه باسم "شاي" ، وهو الاسم المختصر لـ "خدمة المعلومات"، فقد كلف "بن غوريون" مساعده المقرب "شيلوح" باعادة تنظيم وهيكلة جهاز الاستخبارات الخارجية "الموساد" على اسس جديدة، تضع حدا لحالة الفوضى والتخبط التي سادت العمل الاستخباري الصهيوني الخارجي ابان تلك الفترة، فقام "شيلوح" بحل الدائرة السياسية الخارجية، وباعادة تنظيم العمل الاسخباري الخارجي، في اطار الجهاز الجديد (الموساد) الذي اصبح منذ ذلك الحين يخضع مباشرة لمسؤولية رئيس الوزراء، ملغيا بذلك النمط السابق للتجسس الخارجي الذي كان يخضع لمسؤولية وزير الخارجية، وفق نموذج المخابرات السرية في بريطانيا (ام – اي – 6) ليحل بدلا من ذلك نموذج وكالة المخابرات المركزية الاميركية (السي – اي- ايه) التي تتبع مباشرة إلى المكتب البيضاوي – مكتب الرئيس الاميركي.
وبخلاف الـ "سي – اي - ايه" لم تكن لدى "الموساد" خلال الفترة الاولى من عمله شعبة عمليات، حيث اقتصرت مهامه على انشطة التجسس وجمع المعلومات، لكن رؤساءه عملوا مع ذلك ضمن لجنة مشتركة مع قادة شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الصهيوني ("امان") اشرفت خلال سنوات الخمسينيات والستينيات على تنفيذ عمليات ومهمات خاصة خلف خطوط المواجهة مع دول الطوق العربية عن طريق وحدات عسكرية سرية اقامها الجيش الصهيوني.
وقد ظلت نشاطات "الموساد" الذي شهد منذ ذلك الحين العديد من التغييرات والاضافات الوظيفية والبنيوية الداخلية، تخضع من حيث المبدأ للرقابة العسكرية في الدولة العبرية التي كانت تفرض بقاء اسم رئيس الجهاز سريا حتى العام 1996، حيث كشفت للمرة الاولى عن اسم رئيس "الموساد" الجنرال داني ياتوم عقب تعيينه في اذار من العام المذكور في المنصب الذي اضطر للاستقاله منه بعد مرور اقل من سنتين على توليه لرئاسة الجهاز.
وفيما يتعلق بمهمة جمع المعلومات، فان الطريقة التي تميز العمل التجسسي للموساد، وفقا لما ذكره يوسي ميلمان في تقريره المنشور في صحيفة "هآرتس" في 26 شباط 1998، تستند الى العنصر البشري ( العملاء) وهي طريقة تدعى باللغة المهنية "هيومانت"، وتعني الاستخبارات الانسانية. ويقوم "الموساد" بموجب هذه الطريقة بزرع عملاء (جواسيس) صهاينة يحصلون على هوية جديدة في دولة او تنظيم يتحولان الى مصدر مباشر لجمع المعلومات. وبحسب ما يذكره فيكتور اوستروفسكي عميل "الموساد" السابق في كتابة "عن طريق الخداع"، فان استخدام هؤلاء العملاء يتم بواسطة وحدة ميدانية في (الموساد) يطلق عليها اسم "متسادا".. ويقول "ميلمان" ان 90 في المائة من جهود وطاقات جهاز "الموساد" توجه نحو مهمة "جمع المعلومات"، وان جزءا ضئيلا من انشطته وفعالياته يكرس لتنفيذ "عمليات خاصة" او حسب وصف ميلمان "عمليات عنيفة وصاخبة" في اشارة لمسلسل طويل من اعمال الاغتيالات والتصفيات الجسدية التي وقف "الموساد" مباشرة او اشترك مع اجهزة وفرق استخبارية وعسكرية اخرى في تنفيذها، وعلى الاخص منذ مطلع السبعينيات ، دون ان تعترف الدولة العبرية او تنسب لهذا الجهاز التجسسي المسؤولية عنها، تمشيا مع قواعد السرية شبه المطلقة التي احيط بها عمل "الموساد" منذ تأسيسه وحتى الان، ضمن نسق ونهج ينسجمان مع تقاليد الدولة العبرية في "تمجيد الاغتيالات السرية" وسعيها الدؤوب إلى ابقاء جهازها الاستخباري الخارجي محاطا بهالة من الغموض تضفي عليه هيبة و "جبروت الذراع الخفية" القادرة على التسلل والوصول الى كل مكان في العالم.
ويتحدث افي دغان، الذي قدمته صحيفة "يديعوت احرونوت" في مقابلة اجرتها معه ونشرتها في عددها الصادر بتاريخ 12.4.1998 على انه مسؤول كبير سابق في "الموساد" تحول لاحقا الى "العمل الخاص والحياة المدنية" بعد ثلاثين عاما امضاها في العمل السري، عن تجربته في مجال تجنيد العملاء.. يقول "دغان"، الذي ترأس بين السنوات 1990- 1997 القسم الاكثر اهمية في الموساد، قسم جمع المعلومات: ".. ليست هناك اداة لجمع المعلومات افضل من تشغيل العملاء... صحيح ان التنصت والكاميرات الخفية هامة الا ان المعلومات التي يحملها العميل هي التي تساعد على فهم المعطيات وتحليلها..". وبالعودة الى مرجعيات تبلور مهام ووظائف "الموساد"، كما تسردها المصادر الصهيونية، يتضح ان الجهاز اضطلع منذ تأسيسه، الى جانب مهمته الاساسية في جمع المعلومات في الخارج، بوظيفة ودور هامين في تنظيم حملات تهجير لليهود من الدول العربية، ومن بين الحملات الشهيرة التي اشرف "الموساد" على تنظيمها كعمليات احيطت بالسرية، احيانا من خلال عقد "صفقات" وتقديم رشاوى واحيانا اخرى تحت طائلة ممارسة الابتزاز والتخويف والترهيب، تهجير القسم الاكبر من يهود المغرب واليمن والعراق في الخمسينيات، وتهجير اليهود (الفلاشا) من اثيوبيا اواسط الثمانينيات، وقد تمت هذه العمليات والحملات بواسطة وحدة خاصة في " الموساد" يطلق عليها اسم "بتسور".
وبحكم الطابع السري الذي اتسمت به غالبا ولا تزال دبلوماسية الدولة العبرية وسياستها الخارجية، كنتاج بديهي منبثق عن طبيعة تكوينها ونشوئها، فقد كان من الطبيعي ان يضطلع جهازها التجسسي "الموساد" بمسؤوليات ووظائف هامة في نسج وارساء علاقات وصلات الدولة العبرية الخارجية، وحتى في مجال عقد اتفاقيات وصفقات عسكرية وتجارية واقتصادية واحيانا سياسية، لحسابها مع دول وجهات مختلفة في انحاء العالم. وقد اقام "الموساد" لهذا الغرض، في وقت لاحق، قسما رئيسيا خاصا ضمن صفوفه ليكون مكلفا ومسؤولا عن ملف العلاقات الخارجية.. ولا يزال هذا القسم الذي يطلق عليه اسم "تيفيل" يدير الى الان عشرات الممثليات والمحطات الثابتة والمتنقلة في العديد من دول العالم، يعمل بعضها بصفة رسمية وبعضها الاخر الى جانب سفارات الكيان الصهيوني او تحت غطاء بعثاتها الدبلوماسية والتجارية والاقتصادية وغيرها .. وكثيرا ما تسببت النشاطات الموازية لممثليات ومراكز هذا القسم في "الموساد" باحتكاكات واحتجاجات، طفت على السطح احيانا، مع وزارة الخارجية الصهيونية وبعثاتها الدبلوماسية في الخارج، التي رأت في نشاطات "الموساد" هذه ليس فقط مصدر منافسة لوظيفتها بل تجاوزا وتهميشا لصلاحياتها ودورها كممثل وناطق رسمي للدولة العبرية في الخارج.
وبحسب ما يسرده كتاب "امراء الموساد" فقد تحول "قسم الاتصال والعمل السياسي" في الموساد منذ العام 1963 الى ما يشبه "وزارة خارجية سرية ثانية، كانت تتفوق في بعض الاحيان على الوزارة الاصلية".
ومهمة هذا القسم تتمثل في اختراق المؤسسات والدوائر التجارية والصناعية والمعلوماتية، خاصة الامنية والعسكرية، وغيرها من المؤسسات والاجهزة الحساسة في الدول المستهدفة عن طريق ارسال مستشارين او دس "عملاء محليين" يتمتعون بمراكز نفوذ وتأثير، ليس بهدف جمع المعلومات عن برامج وخطط وتوجهات هذه الدول فقط، بل ولممارسة التأثير على سياسات حكوماتها بقصد توجيهها في اتجاهات معينة بما يخدم مصالح واهداف اسرائيل والحركة الصهيونية .
وعموما، وبحسب مصادر مختلفة، فان جهاز "الموساد"، الذي شهد في عهد رئيسه الثالث الجنرال مائير عميت (1963- 1968) اوسع اصلاحات وتغييرات في بنيته وهيكله التنظيمي اصبح، ولا يزال تقريبا، يتكون من مجموعة اقسام ودوائر رئيسية تتبعها شعب ووحدات ومحطات ميدانية وفرعية، تعرف وفق التسميات التالية: • قسم جمع المعلومات، ويدعى "تسومت" (مفترق) وهو منظم على اساس اقليمي ووظيفي تخصصي، تتبع له وحدة ميدانية رئيسية تسمى "متسادا"(حصن، قلعة) تنظم وتضم في صفوفها الجواسيس الصهاينة (اليهود).
• قسم العمليات، ويعد من الاقسام الرئيسية الاهم في "الموساد"، وتتبع له دائرة للتخطيط العملياتي والتنسيق، كما تخضع لمسؤوليته المباشرة وحدات وفرق التنفيذ الميدانية المتخصصة في عمليات التجسس المعقدة والاغتيالات والتصفيات الجسدية وعمليات "الاختطاف" وما شابه.
• قسم الاتصال - الارتباط- والعمل السياسي، ويطلق عليه اسم "تيفيل" وتعني في تعريبها (المعمورة) او (الكون).. وهو قسم واسع وكبير مكلف بمسؤولية العلاقات الخارجية بما يشمل اقامة وادارة روابط وعلاقات التنسيق والتعاون مع اجهزة الاستخبارات والتجسس في دول العالم وتنظيم الاتصالات مع الجاليات والاقليات اليهودية في "الدول المعادية"، كما ومن مهمة هذا القسم المنظم اقليميا ووظيفيا على اساس تخصصي مساعدة حكومات الدولة العبرية عن طريق ممثلياته ومحطاته العلنية والسرية الخارجية، في اقامة وعقد الاتفاقات والروابط السياسية والدبلوماسية والامنية وغيرها مع جهات وحكومات في دول اخرى.
• قسم الادارة والتنظيم: ويعنى بشؤون العمل والتنظيم الداخلي للموساد .. وتعمل الى جانب هذه الاقسام الرئيسية، مجموعة دوائر مساعدة، متخصصة في مجالات البحث والتخطيط والعمليات الفنية والتكنولوجيا والتدريب والتنظيم، اضافة الى شعب ووحدات ميدانية تنفيذية.. وبحسب ما يذكره الصحافي يوسي ميلمان، في تقريره المنشور في صحيفة "هآرتس" في 26.2.1998 ، فان جهاز "الموساد"، وفي اطار تكليفه بمسؤولية "تنظيم هجرة اليهود الذين يمرون في ظروف صعبة ويقعون تحت تهديد انظمة معادية، وكذلك المساعدة في الدفاع عنهم اذا ما دعت حاجة لذلك"، قام بتشكيل وحدة ميدانية هامة لهذا الغرض تعمل تحت اسم "بتسور" وتعني (تحصين).
وتشرف على قيادة عمل "الموساد" وانشطته هيئة قيادية عليا تضم رؤساء الاقسام وقادة الدوائر والوحدات الكبيرة، وتعمل هذه الهيئة التي يكون اعضاؤها عادة من ذوي الالمام العالي والخبرة والتجربة الشخصية في مجال العمل الاستخباري والتجسسي الميداني، كـ "هيئة اركان الموساد" وتعادل رتب اعضائها الرتب العسكرية لاعضاء هيئة الاركان العامة للجيش الصهيوني – جنرال وميجر جنرال (عميد).
يقول مراقبون ان "الموساد" برهن بلا شك، خلال سنوات عمله الطويلة، على قسوته وفاعليته كجهاز للتجسس والعمليات الخاصة.. وبالرغم عن حرص الدولة العبرية الشديد على ابقاء هالة الغموض والسرية المتناهية حول "الموساد" ونشاطاته، الا ان الصهاينة عموما، والمطلعون منهم على وجه الخصوص، ما زالوا يذكرون بقدر كبير من التفاخر والاعجاب مسلسل عمليات الاغتيال والتصفيات الجسدية "الناجحة" وغيرها من العمليات المنسوبة للموساد فيما مضى، حتى في اثناء انشغال كبار مسؤوليهم في مراجعة وتفحص الاسباب والاخطاء التي ادت الى فشل عملية ما، نفذها "الموساد" وعملاؤه في بلد او مكان ما في الخارج، كما حدث بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لخالد.
|
|
4072 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|