سخرت العدالة والتنمية "عرابا" جديدا، احتل الموقع الذي ظل يشغله مصطفى الرميد، إلى أن أثقلته الحقيبة الوزارية.
مهمة هذا "العراب" إشعال المزيد من النيران، كلما بدأ ضوء "المصباح" يخبو، ولم تعد الأمانة العامة تبصر أمامها.
لقد كشفت دفاتر تحملات الإعلام السمعي ـ البصري، أن وزراء العدالة والتنمية لم يزيلوا بعد عدسات تعلوها غشاوة مرجعية أوحادية، لا تقبل بالتنوع والتعدد، ويضعوا محلها مرجعية حددها الدستور بوضوح.ومهما حاولوا التظاهر بذلك، فإن تضارب المواقف سرعان ما يفضحهم.
من الأكيد، أن النقاش الذي يعرفه اليوم المغرب حول دفتر تحملات الإعلام العمومي، لأول مرة، إيجابي، وكان على العدالة والتنمية أن تتقبله بصدر رحب، وهو ما أبدى وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، بعض النزوع إليه، غير أن الخرجات الإعلامية لبعض زملائه في الحزب سرعان ما تعيد النقاش إلى نقطة الصفر أو تسعى إلى ذلك، معتمدة في كل ذلك على منطق "ولو طارت معزة"، وهو ما يدفع أحيانا إلى الشك في صدق النوايا.
طبعا العنزة لن تطير، كما قد يعتقد السيد عبدالله بوانو، والنقاش سيستمر، ولن توقف عجلته تصريحات متشنجة لنائب برلماني بدأ الخطو متعثرا في عالم السياسة.ولا يجد من مبرر موضوعي لإقناع الرأي العام إلا إدعاء أن الأسماء التي تتكلم، عفوا تنتقد، تدفعها أيادي خفية،... ولكن هل النقابة الوطنية للصحافة المغربية، التي أصدرت بلاغا في الموضوع، لا يساير هوى العدالة والتنمية، تحركها بدورها أيادي خفية؟
ولماذا لا يمتلك هذا النائب الشجاعة الأدبية الكافية للكشف عن هذه الأسماء؟
ولماذا يلجأ إلى تبريرات واهية من أجل تفسير رد الفعل الذي خلفته دفاتر التحملات؟
ولماذا يتفادى السيد البوانو الحديث عن صلب الموضوع؟
ليست هناك أيادي خفية، وحتى إذا كان هناك فساد مالي فإن هناك أجهزة ومؤسسات موكول لها الكشف عنه، ومتابعة المتورطين فيه.
ليس هناك إشارات ولا همز ولا لمز، بل هناك دفاتر تحملات تم وضعها من دون إشراك المعنيين بالأمر، وهناك مسحة إيديولوجية تعلو على صفحاتها، وهذه هي الحقيقة التي بات يعرفها الجميع، ولن يغطي عنها ضجيج السيد بوابو ولا غيره، لأن الزبد يذهب جفاء...
رشيد الأنباري