خاب أمل الذين كانوا يراهنون على الشمال أو الريف ( لايهم الإسم) بعد أن خرج آلاف المواطنين في الناظور في مسيرة مؤيدة لمشروع الدستور.
لم يكن بينهم أي اتفاق مسبق، لكنهم اتفقوا وهم يعبرون الشوارع ويتوقفون في الساحات على كلمة "ارحل" إلا أن الكلمة هذه المرة لم تستعمل ضد الذين استقصدتهم حركة 20 فبراير والعدل والإحسان والنهج، ولكن ضد هؤلاء أنفسهم بحيث انقلب السحر على الساحر.
الأكيد أن المعطيات تغيرت بعد خطاب 9 مارس، لكنها تغيرت أكثر بعد خطاب 17 يونيو، الذي لبى أهم المطالب التي كانت موضوع مذكرات الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني.
ولأن أجندة 20 فبراير والعدل والإحسان والنهج الديمقراطي ليست هي أجندة باقي المواطنين، ولأنهم قرروا الاستمرار في التظاهر بعد الخطاب، فقد كان طبيعيا أن لايستلم شعب بكامله لحفنة من المارقين...
ليست الناظور وحدها التي خرج فيها الموطنون للرد في شبه "إجماع" بل في كل المدن الأخرى، على نحو كان يشي بقرب المواجهة بين طرفين، طرف يمثل الأغلبية وطرف آخر يمثل الأقلية، وفي خضم هذا التفاعل كان من الممكن أن ينقض الطرف الأول على الثاني، وتلك كانت أمنية 20 فبراير والعدل والإحسان والنهج ليظهروا بمظهر الضحية ويحركوا خلاياهم الأجنبية، غير أن لا أحد انساق وراءهم، وحتى قوات الأمن اختارت أن تقيم حواجز بشرية منعت الطرفين من أي تماس...
لا يعني كل هذا أن ليس من حق أحد أن يقاطع التصويت أو أن يصوت بلا، هذا حق يضمنه الدستور ذاته، والإعلام الرسمي، الذي هو ملك للدولة استضاف الوجوه والأصوات الداعية إلى ذلك، غير أن ما ليس من حقهم هو هذا النوع من التبخيس للمشروع حتى قبل الإطلاع عليه، وكأن هذا الدستور لم يحمل أي جديد لمجرد أن اللجنة التي صاغته تتألف مائة بالمائة من المغاربة.
لايعني هذا التأييد أيضا أن المغاربة الذي خروجوا إلى الشوارع يريدون نسبة مشاركة بنسبة مائة في المائة، أو نسبة تصويت بنسبة تسعة وتسعين في المائة فاصلة تسعة وتسعين كما حدث في الماضي من دون أن يخرج أحد للشارع أو يحتج، ولكنهم يريدون أن تعكس نسبة التصويت الحقيقة: حقيقة المؤيدين وحقيقة المعارضين، أما الذين اختاروا المقاطعة فإنهم يتبعون المثل الدارج "أنا والقايد تنشدوا مليون" لأنهم ببساطة يريدون أن يحتسبوا، كل الذين لن تمكنهم ظروفهم من التصويت، في صفوفهم و أن يختبؤوا وراء نسبة عدم المشاركة...