أنا مصاب بداء عشق أغاني الشيخات. هذه هي الحالة العصيبة التي أعاني من أعراضها، وأخشى أن تمنع حكومة السيد بنكيران تداول هذا الصنف من الأغاني، وتأمر الناس بتدمير مخزوناتهم منها، وإلا ستُدْرَج في خانة الممنوعات، وسيتعرضون إذا ضبطت بحوزتهم، للمحاكمة وأداء الغرامات.
لا أخفيكم سرا إذا قلت لكم صرت أخشى هذا اليوم، وأحمل همَّ هذه المحنة، ببساطة لأنني سأُحْرَم من الجرعة اليومية التي تحتاجها أذني حتى أحافظ على توازني المطلوب لاستمراري في مواصلة إيقاع حياتي العادية.
مصدر هذا الخوف المشروع ما جاء في دفتر تحملات القنوات العمومية في باب تشجيع الفن الأصيل. عبارة مُشْرَعة على احتمال خنق هذا الصوت المغربي لاقترانه بـ«النشاط» والفن الوضيع والساقط الذي تنعدم فيه شروط النظافة المطلوبة.
بدأت أستعد لاستقبال هذا اليوم المشؤوم. لم أقف مكتوف اليدين. فكرت في حفظ ريبيرتوار أغاني الشيخات، ومحاولة تعلم العزف على الكمنجة بتلك الطريقة الخاصة بشيوخ هذا الفن المغربي. المشكل أنني ألاقي عسرا كبيرا في حفظ النصوص مذ كنت تلميذا في الابتدائي والثانوي، فما العمل؟
وصل إلى علمي أن هناك مواقع على الأنترنيت متخصصة في أغاني الشيخات. لم تدم فرحتي فقد نبهني أحد العارفين بالمجال إلى أن الحكومة يمكن أن تتحكم في الشبكة العنكبوتية، وتحجب هذه المواقع وتمنع روادها من زيارتها.
المشكل حقيقي وكبير فعلا، فأنا لا أستطيع الاستغناء عن أغاني الشيخات. يمكن أن أحتفظ بعينة من هذه الأغاني في خزانتي، وعلي أن أحتاط أثناء سماعها خوفا من آذان المخبرين والمقدمين. لا مجال لرفع الصوت إلى ذلك الحد الذي يجعلني أستمتع بالجرعة اليومية، ولا مفر من استعمال «السمّاعات».
لست طماعا وأميل أحيانا إلى الواقعية وأنا أتمنى أن تستثني الحكومة من قرار المنع أغنية «مولاي عبد الله آالولي»، لأنني أستمع إليها يوميا بصوت الكبيرة فاطنة بنت الحسين، وأعتبرها تحفة ورائعة من روائع العيطة، بل أغنية دينية على الطريقة الشعبية وهي تتغنى بالحج المغربي المتمثل في زيارة موسم الولي الصالح عبد الله أمغار.
لا علاقة لحالتي بالتدين من عدمه فأنا أعشق سماع الذكر الحكيم وهو يتلى بالطريقة الضاربة في الانتماء إلى هذه الأرض وما أبدعته. لا أعاني من مشكل على هذا الصعيد. مشكلي الحقيقي أنني أخشى من حرماني من حقي في الاستمتاع بعشقي الكبير، والطاقة الضرورية لشحن بطاريات نشاطي اليومي، وعلى حكام التلفزيون أخذ «عيطتي» بعين الاعتبار.
جمال زايد
الأحداث.