تتضمن دفاتر تحملات وزير الاتصال نقطة في غاية الأهمية، ألحت جل الأطراف على إهمالها بشكل مقصود نكاية في مصطفى الخلفي، رغم أهميتها الواضحة والثورة التي يمكن أن تحدثها في قنواتنا التلفزية.
تركز هذه النقطة الفريدة على ضرورة عرض الأفلام الأجنبية باللغة العربية والأمازيغية حصريا، ما يعني نهاية الدبلجة الفرنسية ونهاية تقديم الأفلام بلغتها الأصلية الإنجليزية أو أية لغة أخرى.
وبدل أن نشكر الخلفي على مبادرته التي ستجعلنا نستلقي على قفانا من الضحك، لأنه سيمنحنا تلفزة ساخرة، طفقنا نهاجمه وننتقد الثورة التي قام بها ونشكك في تمكنه وذكائه الذي لاحظه فيه بعض الصحافيين ذوي النظرات الثاقبة.
من جهتي قررت أن أسحب كل ما قلت عنه في السابق، لأني اكتشفت أنه ذكي فعلا ويسعى إلى الترويح عن المغاربة وإسعادهم بالأفلام المدبلجة وبالعربية الفصحى، كما كان يتحدث أجدادنا العرب في شبه الجزيرة العربية.
وعلى عكس ما كتبه أحمد رضا الشامي، فإن الخلفي ليس ضد الترفيه والتسلية في التلفزيون، وعلينا ألا ننخدع بالمظاهر، لأنها تخفي رجلا منبسطا ومنشرحا يعمل بجد ومثابرة على انتزاع البسمة منا.
تخيلوا معي مثلا كم سنضحك مع الخلفي ونحن نسمع كلينت إيستود وهو يقتحم باب بار في فيلم من أفلام الويسترن حاملا مسدسا في يده مخاطبا جماعة من المكسيكيين الدائخين بفعل تأثير التكيلا: السلام عليكم، ليرد عليه أخيار البار: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، قبل أن يجيبه الأشرار ثكلتك أمك أيها القذر.
إنها دون شك فرجة ممتعة يريد أن يحرمنا منها سليم الشيخ وكل الذين يهاجمون الخلفي الآن، وكم سنندم ونعض أصابعنا إن لم يسمحوا له بتطبيق دفاتر تحملاته، وتصوروا معي كم سيكون مثيرا أن نعيد مشاهدة مايكل دوغلاس وهو يضاجع شارون ستون بالعربية الفصحى، حينها سنسمعها وهي تشهق وتنخر وتزفر وتشخر وترهز الرهز الشديد وتنطق بالكلام الفاحش المهيج للباءة، بلغتنا القومية التي يجب أن ندافع عن كل كلماتها وأن نتلذذ ببلاغتها في كل حالاتها، بدل الفرنسية الباردة والخالية من الأحاسيس، وأظن أن الأثر سيكون مماثلا ونحن نرى شارون ستون في نسختها الناطقة بالأمازيغية ونتمتع بدبلجة أصواتنا الحقيقية وغير المفتعلة.
أنا مع الخلفي وأشجعه على هذه الخطوة التي لا تقل سخرية وغرابة على ما اقترفه سليم الشيخ، حين جعل الأتراك في مسلسلاتهم يلتهمون طاجينا بالبرقوق، وجعل "أنا" في مسلسل أين أبي تهيئ المروزية، لذلك ليس من العيب أن نمنح الفرصة لوزير الاتصال أن يجرب بدوره، ويدبلج فيلم طروادة فنحصل حينها على فيلم اسمه غزوة بدر، وبدل براد بيت في دور أخيل سنكتشف أننا أمام سعد بن أبي وقاص وهو يحارب أبا جهل، لتعم الفرجة ويضحك المغاربة ملء أشداقهم، مع المحافظة على هويتنا وعلى لغتنا الأم.أين أبي