من الطبيعي جدا أن تتعرض تجربة العدالة والتنمية لانتقادات، من دون أن يعني ذلك أن هناك من يريد إفشال التجربة، إلا إذا كانت هذه التجربة تحمل بذور فشلها بين ثناياها، أو كما يقول المثل:" قال له: باك طاح، فرد عليه: من الخيمة خرج مايل".
ولقد بدا تمايل العدالة والتنمية جليا منذ أن اعتلت سدة السلطة التنفيذية من خلال الخرجات، غير المحسوبة العواقب، لوزرائها، الذين تظاهروا باتباع منطق "من النهار الأول يموت المش"، فأخرجوا قوائم المستفيدين من رخص نقل بواسطة الحافلات، وهددوا بنسف المهرجانات، وحرموا بث إشهار ألعاب الحظ في القنوات العمومية، و نشروا مبالغ الدعم الخارجي للجمعيات، وهلم جرا... غير أن المش لم يمت بل تحول إلى نمر، لأن هذه الخطوات لقيت رفضا مطلقا من طرف مكونات الأغلبية الحكومية نفسها، ومن طرف شرائح عريضة من المجتمع، لم تقبل أن يشنق مبدأ الحرية في ساحة الاعدام، والعودة أدرجا بالبلاد إلى القرون الوسطى، وإدخالها في منطق المجهول.
من المفروض أن يقبل النظام الديمقراطي بكل الانتقادات، لا أن تشرع العدالة والتنمية من الآن في البحث عن مشجب تعلق عليه كل الأخطاء،
وخلافا لما يعتقد عضو الأمانة العامة عبدالعالي حامي الدين في حوار مع "إيلاف"، إذا كان هناك جهة استفادت من الوضع السابق فهو حزب العدالة والتنمية، الذي استثمر الاصلاحات السياسية لصالحه، واستغل اللحظة الانتخابية بدهاء نادر، وهو ما فتح الباب أمام التغيير في التركيبة الحكومية، غير أن هذا التغيير اتخذ خلال مائة يوم الأولى من عمر الحكومة طابعا "ارتجاليا"، يروم تحقيق الأمجاد الشخصية للأشخاص المستوزرين على حساب مصالح المغرب والتزاماته الدولية.
الأكيد، كما قال حامي الدين، في ذات الحوار أن منطق إدارة الدولة مختلف عن منطق إدارة الحزب. وإذا حاول البعض اعتماد منطق الحزب في أمور الدولة سيكون مصيره الفشل، لكن بعض وزراء العدالة والتنمية لازالوا يخطئون في هذه النقطة بالضبط لأنهم فشلوا في ارتداء جبة رجال الدولة...
رشيد الانباري