أضيف في 16 أبريل 2012 الساعة 51 : 21
حتى في لحظات الحزن المشتركة لا يوقرون هذا البلد, ويصرون على أن يرسلوا إلينا رسائل رداءاتهم باستمرار. عندما كنت أسمع وزير الاتصال المغربي يتحدث الأربعاء الماضي عن التهدئة مع الجزائر إعلاميا كنت أسأل نفسي "واش يقدرو هوما يهدؤو معانا أما حنا راه ديما مهدئين معاهم؟" أتانا الجواب يومين فقط بعد كلام الوزير. جنرالات الجزائر يعاملون رئيس جمهورية الوهم الصحراوي معاملة رؤساء الدول الحقيقيين ويضعونه قرب عبد الإله بنكيران خلال جنازة الراحل أحمد بن بلة ويخرجون لنا اللسان للمرة الألف بعد المليون, أو لمرة لايمكن ضبط الحساب فيها لفرط ماتكررت المرات. البعض سيقول إن حضور عبد العزيز لجنازة بن بلة كان أمرا ضروريا بالنسبة للجزائريين ولم يكن ممكن التفادي مهما طالبهم المغرب بذلك أو لم يطالب. لكن الكلام هنا مردود على أصحابه. لا أحد يطالب هنا في المغرب بعدم تعامل الجزائريين مع صنيعتهم البوليساريو, فنحن أعرف بالأحاسيس التي يمكن أن يحسبها الوالد تجاه إبن الحرام الذي أنجبه, خصوصا حين يكبرهذا الوالد, ويحس أنه ارتكب جرما . الشيء الوحيد الذي يطالب به المغربان الشعبي والرسمي الجزائر وقادتها هو أن يتم التمييز بين اليد الممدودة بشكل خرافي من طرفنا وبين بعض المواقف الرديئة التي يجبر الجنرالات البلد الجار على اتخاذها مثلما وقع في جنازة بن بلة مؤخرا. هل من حل؟ نعم هناك حل أساسي, هو أن يطرح المغرب سؤال الاستفادة أو عدمها من استمرار إلحاحه في موضوع تلطيف الأجواء بينه وبين الجزائر. علينا أن نكون مغاربة بما يكفي لكي نسأل أنفسنا : علاش هاد الناس حنا كنحزرو فيهم وهوما غير زايدين فيه؟ نعم نحتاج الوحدة المغاربية والأخوة الإقليمية وكل ذلك الهراء الكبير من الشعارات التي نمطر بها أنفسنا لكي نصدق حاجتنا لدولة مثل الجزائر, لكن في النهاية وإذا كان الآخرون رافضين للأمر بشكل نهائي "شنو غاديين نديرو ليهم؟" هذا البلد ليس لقيط تاريخ, ولا شعبا تأسس منذ يومين أو ثلاثة, ولا دولة قطر بها السقف. هذا البلد يسمى المغرب, وهو الذي منح إسمه للمنطقة كلها لكي تحمل معه إسم المغرب الكبير أو المغرب العربي أو المغرب "الكاذب" طالما أن لدى دول المكان وخصوصا للجزائر "الشقيقة" حسابها الخاص بها الذي لايستقيم من خلاله وجودها إلا بالتنغيص علينا آناء الليل وأطراف النهار, وهنا لابد من بعض الحسم في الموضوع. المغرب الذي عاش كل هاته السنوات دون هؤلاء قادر على أن يواصل العيش دونهم أيضا للمزيد من الوقت, وحين سينتهي الجنرالات هناك من مص دماء الشعب الجزائري ومن دعم الصنيعة البوليساريو, ويقتنعون أن الأفضل هو أن نبني مكانا مشتركا يضمنا جميعا, حينها يمكننا أن نعود إلى أسطواناتنا المشروخة والبليدة عن "حسن الجوار", وعن رغبتنا في إصلاح الأجواء والتهدئة وما إليه. أما قبل ذلك فلا أرانا إلا بلهاء مسارعين لبث السهرات الغنائية المشتركة بيننا وبين بلد يعتقد أن من واجبه أن يساند أعداء لنا على المساس بوحدتنا الترابية, ويتصور أنه ملزم كل مرة بإهانة سياسيينا ورموز دولتنا بخلق مثل هاته المواقف السخيفة لهم, وإجبارهم على المغادرة كل مرة حلوا فيها في البلد. والمغاربة يشاهدون عبر التلفزيون الجزائري مشاهد انسحاب وفدهم من جنازة بن بلة بسبب وجود عبد العزيز, قال الكثيرون إنه من حسن الصدف أن المسؤولين الجزائريين لم يقوموا بأمر مماثل حين زيارة وزير الخارجية أو وزير الاتصال إلى هناك, وإلا فإن العثماني والخلفي كانا سيجدان نفسيهما ملزمين بالخطوة ذاتها التي قام بها بنكيران يوم الجمعة الفارط, مع أن المشكل كان سيكون أسخف لو وجد العثماني نفسه داخل وزارة الخارجية الجزائرية أمام نظيره المحتمل في جمهورية الوهم, أو لو وجد الخلفي أمامه في التلفزيون الجزائري نظيره من البوليساريو وهو يقترح عليه تبادل السهرات الغنائية بين ستوديو دوزيم وبين "شي مصيبة كحلا" تبث على شاشة "راسد تي في" تلفزيون الجمهورية المزعومة. معذرة على الحدة في الكلام, لكن بيننا وبين هذا الموضوع, دماء مغربية سالت في الصحراء, وأرامل فقدن المعيل منذ بداية الحياة, وصغار وصغيرات كبروا اليوم ولم يروا الأب أبدا لأن أحدا قال لهم إنه مات في حرب الرمال أو في الحرب ضد الانفصاليين. لذلك لايبدو لي الموضوع قابلا لأي هدوء في النقاش. لنلم متاعنا ولنتركه في بلادنا إلى أن يقتنع الآخرون أن صداقتنا تصلح لهم لشيء. ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق ماوقع يوم السبت الماضي في مركب محمد الخامس يستدعي إقالة رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم إذا كان عاجزا عن تقديم استقالته. ذلك أنه وبعد لقاء الوداد والقنيطرة الذي لم تستطع جامعة الفاسي اتخاذ أي قرار فيه, اعتبر محسوبون على جمهور الوداد أنهم تلقوا الضوء الأخضر لكي يفعلوا ما أرادوا, وفعلا قاموا باللازم وزيادة, ورأينا أشياء مخجلة على شاشة التلفزيون مباشرة لا يمكن أن نجد لها وصفا مؤدبا على الإطلاق, ومع اللقطات وصلتنا الأصداء ألا عقوبات ولا قرارات زجرية ولا أي شيء على الإطلاق. ذلك أن جامعة الفاسي تخشى فرقا بعينها لأن رؤساءها ومسيريها يعرفون الكثير عن أسرار هاته الجامعة وعن صفقاتها وعن دهاليزها وعن كواليسها, وعن كل شيء. رحم الله الكرة في المغرب, فقد قتلها رجل يسمى علي الفاسي الفهري
المختار لغزيوي
|