قال أحمد عظيمي، خبير في الشؤون الأمنية في الجزائر، إن الوضع في مالي ستكون له تأثيرات كبيرة على الجزائر، وسيفرض عليها ضغطا أمنيا كبيرا، وسيجبرها على تخصيص موارد مالية للحفاظ على أمنها واستقرارها ومواجهة مصيبة إنسانية من خلال تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين. متوقعا أن تسود الفوضى في شمال مالي بين حركة الأزواد والتنظيمات الإرهابية في المنطقة لمدة 10 إلى 15 سنة. محذرا من أي تدخل عسكري جزائري في هذا البلد، حتى لا تدخل الجزائر في مستنقع لا يمكنها الخروج منه.
اعتبر المحلل الأمني والاستراتيجي الدكتور أحمد عظيمي، في اتصال مع ‹›الخبر››، أن المشكلة الرئيسية في مالي أنه لم تعد هناك دولة، مشيرا إلى أن شمال البلاد تسيطر عليه حركة الأزواد العلمانية، وحركة أنصار الدين المرتبطة بتنظيم القاعدة، وحركة الجهاد والتوحيد المنشقة عن القاعدة، متوقعا أن تدخل الحركة العلمانية في صراع دامي مع التنظيمين الإرهابيين. أما في الجنوب فالجيش منقسم بين أنصار الرئيس المخلوع والانقلابيين.
وتابع عظيمي أن غياب كل أشكال السلطة السياسية في مالي يفتح المجال أمام كل أنواع الجريمة، خاصة في ظل الإعلان عن انفصال إقليم الأزواد، مشددا على أن هذا الأمر مرفوض إفريقيا، طبقا لاتفاقية 1963 التي تؤكد على مبدأ احترام الحدود الموروثة عن الاستعمار. وقال في هذا الصدد ‹›إن الدول لا تنشأ إلا إذا كانت لها سيادة، ولا سيادة إلا باعتراف بقية الدول بها››، مضيفا ‹›أن جميع دول الجوار والدول الإفريقية أعلنت أنها ترفض قيام دولة جديدة››.
وأشار الأستاذ بكلية العلوم السياسية والإعلام إلى أن أصوات كثيرة كانت تحذر منذ ثلاث سنوات من أن منطقة الساحل مقبلة على كارثة كبيرة، بسبب تهلهل دولها وضعف جيوشها التي لا تتعدى 50 ألف جندي، منهم 20 ألف في مالي، باستثناء الجزائر.
واعتبر أحمد عظيمي أن سقوط نظام العقيد القذافي، الذي كان يضم جيشه الآلاف من الجنود التوارق المدربين والمدججين بالأسلحة، وعودتهم إلى مالي، وتزامن ذلك مع انقسام النظام، سمح بسقوط منطقة شمال مالي بتلك السرعة الغريبة. وأشار أحمد عظيمي، العقيد المتقاعد في الجيش الوطني الشعبي، إلى أنه ليس سرا بأن العقيد الراحل معمر القذافي كان يسعى لإنشاء دولة للتوارق، فطموحاته كانت كبيرة لكن إمكانياته البشرية قليلة، ووجد نفسه محصورا بين دولتين كبيرتين مصر والجزائر، وهذه الأخيرة كانت تزعجه كثيرا، ففكر في إنشاء دولة للتوارق لضرب الجزائر من الجنوب.
وبالنسبة لفرنسا، فأكد أحمد عظيمي أنها شجعت على إنشاء حركة التوارق، خاصة في فترة التسعينيات، ولكن توارق الجزائر لم يندمجوا في هذا المسعى الانفصالي. إلا أن مالي تعتبر الحلقة الأضعف في المنطقة، حيث تضم ثلاثة ملايين ترفي.
وشدد عظيمي على أن أي تدخل عسكري، من أي قوة أجنبية في مالي، لن يحل المشكلة، مشيرا إلى فشل التدخل الأمريكي في الصومال وفي العراق وغرقها في المستنقع الأفغاني، مضيفا أن أمريكا إذا أرادت استنزاف دولة فإنها تدفعها للتدخل العسكري في دولة أخرى، وقال ‹›هذا ما لا نتمناه للجزائر››.
واعتبر أن الحل في مالي هو غلق الحدود مع الحصار الاقتصادي الذي أتى أكله، عندما قرر الانقلابيون إعادة السلطة إلى المدنيين، مضيفا أنه لابد من دفع حركة التوارق إلى الحوار للوصول إلى نظام سياسي كونفدرالي، لأن انفصال الأزواد سيدفع 23 أقلية في مالي للمطالبة بالانفصال.
إ-الإشتراكي