برافو معالي وزير العدل مصطفى الرميد، دون شك سيزداد عدد المعجبين بك أكثر، خصوصا بعد أن أعلنت أنك تفضل حفظ القرآن على كرسي الوزارة، وبعد أن أطريت وتغزلت في الشيخ المغراوي الذي لا يرى حرجا في مديح البيدوفيليا واغتصاب الأطفال وتزويج الصغيرات التي لا يتجاوز عمرهن تسع سنوات.
لو حدث هذا في مكان آخر، ولو صرح وزير في دولة أخرى بما صرحت به لعد ذلك فضيحة كي لا أقول جريمة، لكننا في المغرب، حيث يحق لك أن تقول ما يحلو لك، ستجد دائما من هو مستعد للتصفيق ولتعداد بطولاتك. لم يجد الرميد غضاضة في تكريم المغراوي واعتباره عاش فتنة ابتدأت مع الأنبياء وتوالت مع الصالحين، كأنه يزكي الاعتداء الجنسي على الطفلات، وكأنه يقول لكل المغاربة الذين يناضلون من أجل حماية حقوق البنات الصغيرات ورفض تزويجهن وهن مازلن يحملن الدمى ويلعبن فلتشربوا البحر، ولتذهب مطالبكم إلى الجحيم.
هكذا دون أن يرف له جفن، يفرق بين المغاربة الذين يذهبون عند المغراوي مادح البيدوفيليا ويرى أنهم خير الناس، وبين الذين يذهبون إلى الملاهي في مدينة مراكش"ليقضوا أوقاتا من أعمارهم يعصون الله ويبتعدون عنه"، كما نقلت ذلك الزميلة أخبار اليوم. وإذا لم تكن هذه هي الفتنة بعينها وتكفير الناس الذين يحبون الحياة والاستمتاع بها، فلا أرى تعريفا آخر لها، يفوق ما جاد به وزير العدل، الذي من المفترض أن يتحفظ على مثل هذه التصريحات التي لم تعد تناسب منصبه الحالي وتجعلنا نخاف هذه الحكومة التي تهدد المغاربة في شكل نمط العيش الذي اختاروه.
ربما يعتقد الرميد أنه مازال يخطب أمام أنصاره في حزب العدالة والتنمية، وأنه يمكن أن يقول أي شيء يعن على باله، ولم يستوعب بعد أنه وزير ومسؤول في الدولة، من واجبه أن يحترم منصبه وألا يمن علينا كأنه الشخص الذي أتى ليخلص المغاربة، وإذا أراد أن يحفظ القرآن ويتهجد الليل في محراب، فهذا شأنه الخاص ومن العيب المفاضلة بين حفظ القرآن ومسؤوليته كوزير للعدل. لكن يبدو أن هذه الحيلة متفق عليها بين الإخوان في العدالة والتنمية، فزميله مصطفى الخلفي وزير الاتصال هددنا بدوره بأنه سيترك منصبه إن استمر إشهار القمار في التلفزيون، كأنه ينتظر أن نستجديه ونقول له ابق معنا ولا تذهب، غير أنه لم يؤكد أنه سيتفرغ لحفظ القرآن أم أنه سيعود إلى سياسة التدافع التي عودنا عليها واشتقنا حقا إليها. إنها لعبة مسلية يلعبها وزراء العدالة والتنمية بإتقان، ويتوجهون بها أساسا إلى الرعاع ليضحكوا عليهم وليحتفظوا بالهالة التي يحاولون رسمها، بين الفينة والأخرى يلعبونها في الجرائد ومن خلال التصريحات، وهم في قرارة أنفسهم يعرفون أنهم لا يطلقون إلا فقاعات في الهواء للاحتفاظ بالشارع متحمسا ولضمان أصوات إضافية في الانتخابات المقبلة.
أما ما يحتاجه المغربي من شغل وتعليم جيد ومن استثمار وقوت يومي فهي أمور يرونها مثل طلاسم، فيتحججون بالتقوى والورع كتعبير عن عجزهم عن تدبير مرحلتهم الحكومية، فالمغربي لا يعنيه أن يحفظ الرميد القرآن أو يذهب إلى السينما فهذا شأن خاص، ولا يعنيه وجود أو عدم وجود إشهار ما في التلفزيون، إنه يريد أن يرى الوعود التي قطعها وزراء هذا الحزب وهي تتحقق، بدل أن يهددوننا بالهروب وترك الجمل بما حمل.
حميد زيد مدير نشر الشروق