المهمة الأساسية للصحافة هي تغطية الأحداث، وما يحكم أية تغطية هو ما يُسمى بقانون القرب.
وحين تقوم قناة إسرائيلية بتغطية أو بث صور حول مسيرة العدل والإحسان حول القدس الشريف، فإن ذلك يدخل في صلب مهامها، غير أن جماعة العدل والإحسان حاولت الركوب على مجرد تغطية تلفزية عادية، واعتبرتها نصرا وانجازا غير مسبوق.
النصر الحقيقي، ليس هو الخروج إلى الشارع العام لاستعراض العضلات، والركوب على قضية لا تقبل أية مزايدة من أجل تبرير تنظيم مسيرة أو مظاهرة.
النصر الحقيقي الذي تحتاجه القضية هو ما يبذله المغرب من جهود دبلوماسية، وما ينفقه من أموال للحفاظ على هوية المدينة المقدسة، سواء من خلال ترأس الملك محمد السادس للجنة القدس واستمرار المغرب لسنين طويلة على رأس هذه اللجنة، بإصرار ودعم من السلطة الوطنية الفلسطينية، وبدعم من المقدسيين أنفسهم أو من خلال بيت مال القدس الذي يوفر الأموال اللازمة لصيانة المدينة وحمايتها من التهويد.
أما العدل والإحسان، فلم تقدم للقضية أي دعم، منذ كان المغرب يقتطع هذا الدعم من تذاكر شبابيك دور السينما وعلب السجائر، بل تريد أن تركب عليها لتمرير خطابات عفى عنها الزمان، ورماها قطار التاريخ الذي يسير بثبات نحو المستقبل.
لقد حاولت جماعة الشيخ ياسين وأتباعه في البداية أن تركب على حركة 20 فبراير قبل أن تنسل مطأطئة الرأس، تجر أذيال الهزيمة، بعد أن "عاق" شباب متحمس في عز الربيع العربي أن الجماعة التي تحلم بـ "قومة" لم تتحقق تريد أن تستعمله ذخيرة حية في مواجهتها مع البلاد والعباد من أجل تحقيق "أحلام" الشيخ ياسين، ثم حاولت بعد ذلك أن تشوش على صعود العدالة والتنمية إلى الحكم، وهاهي اليوم تريد أن تكسر طوق عزلتها بتنظيم المسيرات والوقفات باسم القدس، رغم أن القدس كانت دائما قضية كل المغاربة، ولن يسمحوا بأن تستعملها الجماعة حصان طروادة من أجل تحقيق "قومتها" التي لا علاقة لها بمستقبل أولى القبلتين وثالث الحرمين.