|
|
|
|
|
أضيف في 30 مارس 2012 الساعة 25 : 20
نادرا ما تصادف فتاة تحمل بين أصابعها سيجارة وهي مارة عبر الشارع العام. وخلافا للرجل الذي يدخن بكل حرية وبشكل علني، عادة ما تلجأ النساء من أجل التدخين إلى المقاهي والأماكن المغلقة. "الحياة" التقت بفتيات "مدخنات" وطرحت عليهن سؤال "علاش ماكاتكميوش ف الشارع؟" فكان هذا الربورطاج. قهوة مبوقة قبل أن تجلس على كرسي محاذي لطاولة في مقهى(r.z) بالدار البيضاء، خلعت ابتسام. ج (24 سنة) سترتها الجلدية السوداء. أدخلت يدها في جيبها، فاسخرجت هاتفا من نوع iphone ومنديل "كلينكس". سحبت "سنسلة" حقيبتها، وبدأت تنقب عن شيء داخلها. أخرجت علبة سجائر من نوع "مالبورو لايت" وولاعة اتخذت لونا زهريا. تفقدت المكان بعينيها... كانت بعض الطاولات شاغرة وأخرى يحجبها أصحابها بسبب دخان "الشيشة"، الذي ملأ المقهى ضبابا. رائحة الحشيش الأجود وجدت طريقا سالكا إلى أنوف من كان بالجوار. حشيش اجتهدت أصابع في "فتخته" وأبرمت معه تلك الأصابع عقدا دوّن على ورق "نيبرو" أبيض. المكان يشبه إلى حد كبير استوديو الفنان الجمايكي بوب ماريلي، الذي كانت تنعدم فيه الرؤية، بسبب الدخان الكثيف المتطاير في الأجواء. كنخاف شي حد يشوفني لم تجد ابتسام أي أحد يعرفها، قد ينغص عليها لقطة الاستجمام بتدخين سيجارة الصباح. "الحمد لله ماكاين حتا شي حد كايعرفني.. هاد القهوة بعيدة على الدرب بعشرات الكيلوميترات". هكذا، تحدثت ابتسام لـ"لحياة"، بعد أن سألتها عن سبب ارتيادها للمقهى بغية التدخين دون الشارع العام. وبعد أن أزالت الشريط اللاصق لعلبة السجائر، متناولة سيجارة في طريقها إلى شفتيها وإشعال نيران النشوة فيها، قالت: "صراحة أنا عزيز عليا نتكيف ف القهوة، أولا كانكون مرتاحة جالسة وشاربة، وشادة الستون، وثانيا ماكايشوفني حتى شي قمقوم كايعرفني". على هاد القبال كاتخافي يشوفك شي حد كايعرفك وأنت شادة كارو؟ تسأل "الحياة" ابتسام، التي ستجيب بصوت متقطع بسبب سعالها بعد "نتراتها" الأولى من سيجارتها. "ماشي كانخاف من شي حد، بالعكس ماكايخلعني حتى واحد... القضية ومافيها هو أن المجتمع ديالنا خايب، اللي درتيها معاهم وحلة... وزايدون، ماكانبغيش يشوف فيا شي حد شي نظرة ماشي هي هاديك. لهذا، ألجأ إلى المقاهي لشرب سيجارة واحتساء كوب قهوة". ومضت ابتسام في حديثها تقول إن نظرة المجتمع المغربي "السيئة" هي السبب الرئيسي في عدم تدخينها للسجائر في الشارع، والاكتفاء بارتياد المقاهي. فالكل يرى أنها تصنع أمرا مشينا لا يقبله أحد، ويتعارض جملة وتفصيلا مع تقاليد وعادات المغاربة، بل يعتبرونها تقليدا للغرب والدول المتقدمة المتحررة. "هادوك الدول تقدمو حيت ماعندهومش الحنزازة.. وكايعتابرو هاد الشي غير تفاهات حيت كايخدمو الخدمة ديال الصح... أما حنا باقيين واحلين غير مع ريوسنا وشي حاضي شي.. تكول كانكمي ليهم بفومهم"، تعلق ابتسام بامتعاض وشجب واضحين على جبينها الأسمر. إيمان مولات الجوان إيمان. ل (صديقة ابتسام لما يربو عن 20 سنة، طالبة في إحدى المدارس الحرة) حلت للتو إلى مقهى (r.z). وبعد أن طلبت من نادل المقهى قهوتها المفضلة "نص نص"، شرعت في استخراج لوازم "التباوق"، علبة سجائر من نوع "غولواز"، و"طريف ديال الحشيش"، كان مندسة في علبة الماكياج. لم تنبس إيمان بحرف واحد. تركيز عالي المدى في تحضير "صاروخ جوان"، من خلال طريقتها في إمساك وحرق ودعس ولف ولعق الجوان، يتضح أنها صاحبة خبرة في هذا المجال، "أنا الكارو والحشيش كانكميهم منين كنت ف الكوليج.. كنا كانكميو ف الطواليط ولا الفيستيير مع الدراري... واحد الدري كايقلولو ليه فيراري هو اللي علمني كيفاش نفتخ الجوان". وعلاش كنتو كاتكيفو فالطواليط ديال المدرسة عوض الشارع؟، تستفسر "الحياة". تجيب إيمان، وهي تنفث دخانا أشبه بدخان محركات حافلات الدار البيضاء، "واش أنت مسطي؟ بغيت الناس يشوفني وأنا كانكمي.. راه دابا ومانبغيش يشوفني شي حد كايعرف العائلة.. أنا فيا اللي يواجه الناس كاملين حيت ف آخر المطاف كاتبقى حياتي هادي وماعند حتى شي حد الحق يتدخل ليا فيها". الخوف من أن يفضح السر الدفين في أعماق رئة إيمان هو هاجس يؤرق بالها، ويجعلها تفكر ألف مرة قبل أن تضع عقب سيجارة في فمها، هي التي تدخن منذ أكثر من 8 سنوات. كانكمي باش نضعاف! غير بعيد عن مقهى (r.z)، انتقلت "الحياة" إلى قاعة الألعاب "الكولفازور" بشارع محمد الخامس بالدار البيضاء، المتواجدة في قبو تحت أرضي. هناك، وجدنا جوا مختلفا نوعا ما عن المقهى. دخان كثيف وأضواء خافتة مثل شموع الكنائس.. لا منفذ يوجد في القبو من أجل تسهيل عملية خروج الدخان إلى الخارج، شباب انخرطوا في فتخ ولف السجائر وإعداد "جوانات" مسائية. سعيدة.س، فتاة في مقتبل عمرها، قالت إنها كانت تعاني من السمنة، جربت العديد من الأدوية والحمية بغية تقليص وزنها الزائد، لكنها لم تفلح في ذلك. "أنا بديت كانكمي باش نضعاف"، كيفاش؟ تسأل "الحياة" سعيدة، لتصمت لبرهة، ثم تجيب، وهي تحمل عصي "لاكار ديال الكولفازور"، "هادي شي ربع سنين قالو ليا شي بنات بأن الكارو كايضعف وكايسد الشهية، لهذا جربته... كنت عامرة بزاف ودابا وليت شوية مقادة، ولكن ماعقلتش على راسي حتى لقيت بأنني تبليت بشدان الكارو". وأضافت، وهي تكشف لـ"الحياة" صورة في هاتفها المحمول: "ها كيف كنت غليضة ومطرفة. أما دابا هانت كتشوف كيف ضعافيت وتبليت".
لا عين شافت لا قلب وجع في المقابل، قالت سهام.ن (23 سنة) إنها بدأت تدخن السجائر مع صاحبه. وكانت كلما رافقته إلى المقاهي، يعرض عليها سيجارة، فتقبل عرضه وتشاركه نشوة اللحظة بالقُبل والعناق في مقاهي "البرانس" بالدار البيضاء. كانت سهام.ن تدخن سجائر من نوع "ماركيز"، قبل أن تنتقل إلى علب "فورتينا" و"مالبورو لايت". "ماعمرني كميت ف الشارع ولا حدا شي حد ما كانعرفوش.. حيت ما كانرتاحش ليه، عندي كليكة ديلي كانمشي معاها.. وزايدون إلى بغيت نكمي ضروري نمشي لشي قهوة ولا هنايا فلكولفازور باش نشد الستون مع راسي". واسترسلت، وعلامة التخدير بدت واضحة على عينيها المقلوبتين، "أنا وصحاباتي والله ماتعرفنا واش كانكميو، حيت المسكة والكلوز قاضيين الغراض، لاعين شافت لا قلب وجع".
هشام الضوو / الحياة
|
|
6872 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|