يسعى عمر الحدوشي، أحد شيوخ السلفية الجهادية، الذين استفادوا من العفو بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف، إلى العودة للواجهة من خلال افتعال محاولة اغتياله، من دون أن يقدم أية قرائن عن ذلك سوى القول إن سيارة حاولت الاصطدام بسيارة كان يركبها، علما أن الاصطدام بين السيارات يقع كل يوم، وأنه في حالة الاصطدام لا أحد في منأى عن الخطر..
ولا يمكن لأي متتبع أن يصدق "مزاعم" الحدوشي، لأنه سيكون من العبث الإفراج عنه ثم السعي لاغتياله في ما بعد إلا إذا كان هناك من يريد أن ينتقم منه لعهود قطعها على نفسه ولم يف بها أو لالتزامات أخل بها أو لمراجعة فكرية قام بها أخرجته من بوثقة الفكر التكفيري، بالرغم من إنكاره التام القيام بأية مراجعة.
إن تمتيع عمر الحدوشي بالعفو الملكي جاء في إطار فتح صفحة جديدة في التعامل مع ملف المعتقلين الإسلاميين، وهي الصفحة التي يريد وزير العدل والحريات، السيد مصطفى الرميد، أن يدشن بها تحمله لحقيبة قطاع جد حساس، وبالتالي فإن إدعاء الحدوشي مردود عليه لأنه من جهة، لايمكن إغلاق صفحة السجن من أجل فتح صحفة الدم، ومن جهة ثانية، لأن زمن الاغتيالات قد ولى منذ زمن بعيد، ومن جهة ثالثة لأن القضاء بمقدوره محاكمته من جديد إذا ما صدر عنه ما يشكل انتهاكا للقانون من دون حاجة لاغتياله.
لذلك فإن الحديث عن الاغتيال، في هذا الوقت بالذات، يبدو مجرد ضرب من الخيال، لأن بلادا اختارت شريعة القانون حتى مع أكثر المعارضين شراسة، لا يمكنها أن تلجأ لقانون الغاب.