|
|
|
|
|
أضيف في 28 مارس 2012 الساعة 18 : 10
كثيرا ما تقف التقاليد واختلاف الأديان عائقا في تحقق بعض الزيجات، لكن الحب يكون أحيانا أقوى من الفوارق الدينية، وقد يتجاوز أحيانا حدود العقل. هذا هو حال امرأة أفغانية تزوجت من ألماني دون علم أهلها بعد رفضهم لهذه الزيجة.
تبدو فرح (اسم مستعار) في بيتها كأي امرأة عادية، وهي تقف إلى جانب زوجها الألماني "فرانز" (اسم مستعار) خلال تحضيره وجبة العشاء. تقول فرح: "إنه يحب الأكل الأفغاني، وهو في العادة من يطبخ الوجبة التي آخذها معي إلى العمل".
تعيش فرح رفقة زوجها حياة زوجية سعيدة، منذ زواجهما قبل ثلاث سنوات، وتقول:"تعرفنا على بعض قبل سبع سنوات في الجامعة، حيث كان زوجي حينها يدرس الدراسات الشرقية. وبعد فترة من التعارف، بدأت أحبه، ولم أتردد في إجراء الخطوة الأولى، حيث بدأت في كتابة رسائل إليه، أظهر فيها اهتمامي به". وتتابع: "لم أجد تجاوبا كبيرا من ناحيته فقررت أن أتوقف، عندها وبشكل مفاجئ قال إنه يحبني ويريد أن نبقى معا".
تقيم فرح البالغة من العمر 30 سنة، منذ أكثر من 16 سنة في ألمانيا، حيث جاءت برفقة أهلها كلاجئين إلى ألمانيا، هربا من الحرب والوضع السيئ الذي كانت تشهده أفغانستان. قضت نصف حياتها في ألمانيا، رغم ذلك مازالت فرح تحتفظ بعاداتها في طريقة اللباس وفي الأكل. ومع أنها لا ترتدي الحجاب أو البرقع، إلا أنها ترتدي دائما لباسا طويلا وتضع شالا أفغانيا على عنقها. حتى أثاث بيتها فيه لمسة شرقية، كما أن نوع الأكل الذي يحرص الزوج على طبخه، هو الأكل الأفغاني الذي يأخذ فيه الأرز الحيز الرئيسي.
الدين والجنسية سببان لرفض الزيجة
لكن الحياة الزوجية السعيدة التي تعيشها فرح مع زوجها، لم تكتمل، ذلك لأن أهل فرح لا يعلمون شيئا عن زواجها بفرانز. وقبل أن تحكي قصتها، طلبت منا عدم الإفصاح عن اسمها الحقيقي أو عن المدينة التي تعيش فيها، أو عن ما يُفصح عن شخصيتها نظرا لخطورة ما يمكن أن تتعرض له إذا ما اكتشف أمرها من طرف عائلتها.
الحب كان أقوى من الاختلاف الديني في حالة فرح وفرانز.
تقول فرح:" أهلي يعيشون في مدينة ألمانية غير المدينة التي أسكنها، وهم يعتقدون أنني أقيم بعيدة عنهم لأنني أشتغل في هذه المدينة. لكنهم لا يعلمون شيئا عن زواجي". وتتابع فرح بارتياب وتردد:" عندما قررنا أنا وزوجي أن نتزوج، فاتحت والداي في الموضوع، فكان النبأ كالصاعقة بالنسبة إليهما، خاصة بالنسبة لأمي، التي هددتني بالانتحار إن أنا أقدمت على الزواج من ألماني".
ورغم عدم اقتناع فرانز باعتناق الدين الإسلامي وهو المسيحي البروتستنتي، إلا أنه اقترح على عائلة فرح أن يعتنق الإسلام، إن كان هذا هو عائق إتمام الزواج. إلا أن والدا فرح تمسكا برأيهما، فبالنسبة لهما لا ينبغي لابنتهما أن تتزوج إلا من أفغاني. لم تستطع فرح ولا فرانز أن يتخليا عن بعضهما البعض، كما أن التقاليد والعادات التي تربت عليها فرح، جعلتها لا تستطيع أن تستمر في علاقة مع فرانز خارج إطار الزواج، كما هو الشأن بالنسبة للعديد من البنات الشرقيات المقيمات في ألمانيا. وهو ما دفع فرانز إلى اقتراح فكرة الزواج دون علم أهل فرح. ترددت فرح في البداية لكنها وافقت لاحقا، وتقول بهذا الصدد:" لقد فعلت كل ما يكمن فعله ليتركني هذا الرجل. لكنه لم يتركني ولم يتخل عني للحظة".
" مشكلة الأطفال واختيار ديانتهم"
وتم الزواج بين فرح و فرانز، وكان زواجا مدنيا بحضور أهل العريس فقط. وقد قامت فرح بإخبار أختها وأخيها بالموضوع، اللذين تفهما موقفها وساعداها على إتمام الزواج. ومنذ ثلاث سنوات وفرح متزوجة من فرانز. خلال هذه الفترة تزور فرح أهلها باستمرار في المدينة الألمانية البعيدة عن مقر إقامتها بأربع ساعات بالسيارة. لم يلاحظ الأهل أي تغيير عليها. ورغم أن فرح ترتدي خاتم زواج ذهبي باستمرار، إلا أنها تقوم بنزعه قبل زيارة أهلها. وهي لحظة تتسبب لها ببعض الألم.
لم ينتج عن زواج فرح بفرانز أي أطفال، وتقول فرح بحزن:" نريد أن يكون لنا أطفال وهذا ما يجعل سعادتنا ناقصة. لم أكن أستطيع أن أحبل، وكنت أقول لنفسي ماذا سأقول لأهلي عندما يلاحظون انتفاخ بطني في إحدى الزيارات". غير أن رغبة فرح وفرانز بإنجاب طفل، جعلت فرح تقرر أن تتوقف عن استعمال موانع الحمل وتقول:" نريد أطفالا ولم أعد أستطيع تأجيل الأمر أكثر. لا أعرف كيف سأتصرف مع أهلي، لكني أترك الأمر للظروف".
وسألنا فرح عن التربية الدينية للأطفال، إن كانت ستختار لهم ديانة والدهم أم ديانتها، فردت:" لقد اتفقت مع زوجي منذ البداية أن أطفالي سيصيرون مسلمين، وهو لم يمانع في ذلك." وعن تبريرها لهذا الاختيار، تقول فرح:" التربية الروحية للأطفال مهمة بالنسبة لي، لذلك لا أريد لأطفالي أن يتربوا ممزقين بين ديانتين. كان ينبغي أن أختار واحدة من الديانتين، وبما أنني مسلمة كان طبيعيا أن اختار الإسلام، لأني لا أستطيع أن أربي أطفالي على ديانة أخرى لا أعرفها. بالإضافة إلى أن زوجي ليس مسيحيا متدينا".
"لا إجماع على تحريم زواج المسلمة من الكتابي"
في بداية الزواج عرض فرانز على فرح أن يعتنق الإسلام، لكنها رفضت، وتستعيد فرح ذلك :" قلت له لا أريدك أن تقوم بشيء لست مقتنعا به، فقط من أجل إرضائي. فإن لم تكن مقتنعا فعلا بالإسلام، فلا تفعل ذلك". ويجمع أغلب علماء الإسلام على تحريم زواج المسلمة من الكتابي، والتبرير الشرعي لهذا التحريم هو الخوف من أن تنساق المرأة إلى دين زوجها، باعتبار المرأة عاطفية، كما أن الدين الذي سيتبعه أطفال المرأة المسلمة هو دين والدهم، وبالتالي لن يكون أطفالها مسلمين.
ورغم الإجماع القوي على تحريم زواج المسلمة من الكتابي، إلا أن هناك استثناءات كثيرة أيضا. ففي كتابه " أين الخطأ؟" يتطرق العالم الأزهري اللبناني أحمد العلايلي إلى هذا الموضوع، وفي إطار تفسيره للآية الكريمة "ولعَبدٌ مؤمنٌ خيرٌ من مشرك" من سورة البقرة، والتي يستند عليها التحريم، يقول العلايلي:"لو سلمنا مع الفقهاء أن كلمة "مشرك" تعني مجازا المخالف في الدين وتشمل أهل الكتاب، وأن كلمة "خير" تتضمن حكما، لكان على الفقهاء أن يحرموا الزواج مع المخالف بوجهيه".
ويقصد العالم الأزهري أن التحريم ينبغي أن يطبق في هذه الحالة إن كان صحيحا على الجنسين معا وليس على المرأة فقط. وفي السودان أثارت فتوى حسن الترابي القيادي الإسلامي صدمة علماء الأزهر بعد إباحته أيضا لزواج المسلمة من الكتابي.كما أفتى المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بجواز استمرار زواج المسلمة من غير المسلم في أوروبا، حفاظا على الروابط الأسرية.
ريم نجمي
مراجعة: عبد الرحمن عثمان
|
|
2346 |
|
0 |
|
|
|
هام جداً قبل أن تكتبو تعليقاتكم
اضغط هنـا للكتابة بالعربية
|
|
|
|
|
|
|
|