أعتقد أن الإمام الوجدي عبد الله نهاري قد نام مرتاحا ليلة أول أمس، عندما بلغه خبر خسارة دنيا باطما.
نام قرير العين وهو ينظر إلى نفسه في مرآة الحلم وقد صرع، بدعواته، امرأة احترفت الغناء، بفعل الدم والبيولوجيا .
فكل الفنانات والفنانين يكتشفون أن أصواتهم تستحق أن تنشد، إلا دنيا باطما، فقد ولدت وقد سبقها صوتها.
سبقها صوتها، فهي صوت أهلها، أولهم با عروب رحمه الله.
هل كان المرحوم يتصور ذات يوم أنه سيعيش إلى أن يخرج في المغاربة إمام نهاري يقول عن صوت سليلته أنه صوت فاجرة؟
سيرتاح ابا عروب في قبره، لأنه لم يعش معنا هذا الانحدار الرهيب الذي نواجهه بالحمدلة أوالحوقلة.
هذا الانحدار الذي يجعل فقيها يفرك يديه، لأن محبوبة ملايين المغاربة خرجت منهزمة أمام مصرية، لم يلعنها إمام ولا أدانها فقيه حسب علمنا، بالرغم من مشاريع الحسبة المعروضة صباح مساء، وفي كل نهار في شوارع مصر المحروسة.
ننتظر أن يخرج من جلباب الإمام، حامل سيف أو تورنوفيس، لكي يتربص بدنيا باطما في الحي المحمدي، ننتظر أن يخرج في نهار المغرب أو في ليله، من يعتقد بأن كلام الفقيه المتنطع، رسالة من العلي القدير يلزمها التنفيذ.
ننتظر أن يسدل الليل خيوطه علينا وخليطه البهيم على المغرب الذي يتشرف أبناؤه بالغناء إليه.
وبكل صراحة، لماذا كلما رأى إمام بنطلونا إلا وامتشق سيفه، أو أصر على أن يعيد المرأة إلى البرقع، وأن يسكتها إلى الأبد.
لا تغني يا دنيا لكي يدخل الإمام إلى ظلمته مسرورا، ويدخل إلى كآبته وقد تمنى لك البكم.
هذا يا دنيا من يريد أن يتحدث باسم خير خلق الله، محمد، الذي جعل من المرأة عطرا ووضعها قبل الصلاة في الترتيب.
فقد روي عنه أنه قال، حبب إلي من دنياكم ثلاث، العطر والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة..
يريدونك ألا تغني وألا تكوني جميلة، هم يحلمون بالجواري،
يريدونك أن تصمتي، وأن يغيب صوت آل باطما الجميل من موسوعة الفرح التي سطرها عمك، لكي يحلموا بهدوء بتعدد الزوجات وبالنقاب وبالبرقع وبضرب النساء ..
هكذا هم لا يحبون إلا بالسيف، كما يكرهون به طبعا.
هكذا هم لا يحبون الغناء..لأن الصوت عورة،
والأغنية عورة،
والناي عورة،
والقيثارة أصابع الشيطان التي ينفخ فيها من روحه،
سيرتاح الإمام وهو يرى الآسى في عيون المغربيات والمغاربة الذين ظلوا يناشدون الحظ لكي ينصفهم في دنيا..
عندما ينتشر أمثال السيد عبد الله نهاري، سيصبح المغرب أصما أبكما .
سنصبح مقبرة من بين خطي 35 و و51 طولا وعرضا..
عبد الحميد جماهري رئيس تحرير "الاتحاد الإشتراكي"