لا أحد يريد أن تشتغل الحكومة في ظروف صعبة أو أن يحدث بين مكوناتها ما قد يعصف بالتحالف القائم بين أربعة أحزاب.
ولا حاجة لرئيس الحكومة، عبدالإله بنكيران أن يُطمئن الرأي العام أن الحكومة تعمل بكل ارتياح، لأنها بالفعل كذلك مادامت حازت على ثقة الناخبين والملك والبرلمان، وليس أمامها سوى أن تكون في حجم الثقة والمسؤولية، لا أن يُلهي بعض وزرائها أنفسهم بفتات القضايا والملفات.
ومهما حاول السيد رئيس الحكومة أن يخفي، فلا شك أن قضايا خلافية كبيرة موضوعة على طاولة النقاش، وينتظر الرأي العام الحسم فيها بما يخدم مصلحة البلاد، لا بما يخدم مرجعية دون باقي المرجعيات:
أولا: الإجهاض: ذلك أنه بمجرد أن أعلن وزير الصحة، الحسين الوردي (حزب التقدم والاشتراكية) عن ضرورة تقنين الإجهاض، حفاظا على الصحة الانجابيه للأمهات (بما في ذلك الأمهات العازبات) حتى سارعت وزيرة الأسرة والتضامن بسيمة الحقاوي إلى الجزم بتحريم ذلك.
وإذا كان الوردي ينطلق، باعتباره طبيبا، من معطيات العلم والواقع، فإن الحقاوي اعتمدت على منطق الشرع، وأغلقت كل أبواب الاجتهاد، بالرغم من أن تقنين الإجهاض قد يدخل في باب المصالح المرسلة، لأن هذا التقنين سيجنب المجتمع العديد من المخاطر، مادام هذا الفعل أصبح أمرا واقعا، تُعد حالاته بالمئات كل يوم، ويُمارس، في غياب هذا التقنين، بالطرق التقليدية أو بالمصحات، تحت جُنح الظلام.
ثانيا: المهرجانات: لم يجد عدد من وزراء العدالة والتنمية من مدخل لإعلان نيتهم في محاربة المهرجانات، سوى إدعاء أن هذه المهرجانات، تُموّل من المال العام، لكن لما اتضح أن هذا القول مجرد افتراء، بدأوا في التراجع الوراء.
والواقع أن العدالة والتنمية، التي حرضت شبيبتها السنة الماضية ضد مهرجان العاصمة الرباط: موازين، ونعته الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والمجتمع المدني، الحبيب الشوباني، هذه السنة، بـ "مهرجان الدولة"، لا ترى في الفن عموما سوى مظهرا من مظاهر انحلال الأخلاق، لذلك لا غرابة أن يتصدى لها حزب التقدم والاشتراكية من قلب الائتلاف الحكومي.
إن الانسجام الحكومي ليس مجرد خطاب يُلقى في مستهل المجلس الحكومي، وإنما هو انصهار وتقاسم للرؤى والأفكار يكاد يصل حد الذوبان، غير أن ما يسمعه ويراه المواطن هو أن كل طرف في الحكومة يشد الحبل لجهته من أجل ترجيح الكفة، لا أقل و لا أكثر.