انتهزت جماعة العدل والإحسان فرصة وقوع احتجاجات ببعض قرى الريف، الله وحده يعلم من يحركها، من أجل أن تخرج من صمتها القاتل، وتتجاوز ، مؤقتا، الغصة التي في حلقها، منذ أن تخلى عنها شباب حركة 20 فبراير على أرض الواقع، وأعلن معها الطلاق البائن، فاضطرت إلى إعلان الانسحاب من الحراك على الأوراق، وظلت تغذي الاحتجاجات، بما تبقى لديها من حطب الضغينة، التي تفاقمت منذ أن حذرها عبدالإله بنكيران، رئيس الحكومة من اللعب في النار.
ولأن الجماعة ألفت السباحة في الماء العكر كالسلحفاة، فقد حسمت، منذ البداية، في الجهة التي تتحمل المسؤولية، فلم تشأ أن تشير ، في بلاغ لما يُسمى جناحها الحقوقي، إلى الحكومة، بالرغم من أن وزارة الداخلية آلت إلى الأحزاب، ولا إلى جهاز محدد، بل اكتفت باستعمال مفهوم شامل هو الدولة، وذلك بهدف التعويم وأيضا التعتيم، ربما لأنها خشيت على نفسها من أن تشير بالبنان إلى "الأخ" بنكيران، الذي يعرف جيدا المسالك العتمة لجماعة تهوى "الأحلام"، ويدرك التفاصيل الدقيقة لإسلام الشيخ عبد السلام ياسين وحوارييه، الضالعين في الفساد حتى النخاع...
إن ما وقع في بني بوعياش وغيرها من المدن التي عرفت احتجاجات، وأحيانا أعمال شغب، انتهت بتخريب ممتلكات عامة وخاصة، لا يخرج عن سياق الرغبة في الحصول عن المزيد من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بعدما حصد المغاربة من الحقوق السياسية الكثير والكثير منذ خطاب 9 من مارس 2011 ، كرستْ توجها واضحا في ممارسة الحكم، قاد العدالة والتنمية إلى مقر رئاسة الحكومة بالمشور السعيد.
ومن الطبيعي جدا أن يطمح الناس في ظل هذا الوضع الجديد إلى انتزاع المزيد من الحقوق تتعلق أساسا بالحق في الشغل، والسكن، والتعليم، والصحة، غير أن هناك من يستغل مسيرات المطالبة بهذه الحقوق، فيخرج من الصفوف لرفع شعارات أخرى، تساير هواه، أو من أجل استعراض العضلات أو إذكاء النعرات، فيصبح من الواجب على الحكومة أن تسهر على حماية أمن الناس وسلامة الممتلكات.
رشيد الأنباري