بقلم: حكيم بلمداحي
لم تجد جريدة «التجديد» لسان حال الجناح الدعوي لحزب «العدالة والتنمية»، من رد على تحذير «الأحداث المغربية» من مس حكومة الإسلاميين بحرية الإبداع، سوى وصفنا بجيوب المقاومة التي ترفض الديموقراطية والشفافية. وهو كلام مردود عليه ولايدخل سوى في خانة البوليميك الفارغ. فمنذ وصول الحكومة التي يترأسها حزب «العدالة والتنمية» إلى الحكم ، عبرنا في «الأحداث المغربية» بوضوح بأننا سنساند كل المبادرات التي تقوم بها هذه الحكومة، وترمي إلى الدفع ببلادنا نحو الديموقراطية والشفافية والإصلاح. وطبقنا ذلك فعليا بالتصفيق لوزراء في الحكومة بادروا بفعل أشياء اعتبرناها إيجابية. لكن أن يبلغ الأمر درجة دس السم في الدسم، وتغليف الرقابة القبلية والمس بالحريات بغلاف الإصلاح والحكامة الجيدة، فتلك حيلة لا تنطلي على المغاربة. فأن تسير الحكومة في اتجاه الإصلاح وتنزيل مضامين الدستور في الشفافية والوضوح، فذاك ما لايمكن لذي عقل وغيرة على البلد أن يعترض عليه. لكن أن يستغل الإسلاميون الفرصة ليمرروا أفكارهم، ويفرضوها على المغاربة على شكل قوانين تمس بحريات الناس، فهذا ما لا يتماشى مع الإصلاح.
فالإصلاح الذي يبتغيه المغاربة، ليس هو ما يؤمن به أصحاب «العدالة والتنمية» من مشروع مجتمعي، الذي نراه في نهاية المطاف مشروعا للديكتاتورية والاستبداد والتحكم. بل طموح المغاربة يتمثل في الحرية والانعتاق والعدالة الاجتماعية. فأن تسير الحكومة في اتجاه محاربة الفساد وتخليق الحياة العامة والإصلاح، فهذا ما لا يمكن لأحد أن يعارضه،بل الواجب يفرض مواجهة كل جهة تقاوم هذا الاتجاه. لكن أن يعطي إخوة بنكيران لأنفسهم حق التدخل في حياة الناس، برسم حدود في الذوق الفني واللباس وغيرها، فهذا ما نعتبره تضييقا على الحريات، وخروجا عن منطق الدستور الذي يتجه نحو توفير الحرية لكل المواطنين بمختلف أذواقهم واعتقاداتهم، والحرية في التعبير عن أفكارهم دون تضييق أو تفصيل من أية جهة كانت.
إن التخوف الذي يراودنا نابع من كون ما يريد البعض تضمينه في دفاتر تحملات التلفزيون والإبداع الفني ،يحمل من التفاصيل ما يجعلنا أمام رقابة قبلية فعلية تسير وفق قناعات «العدالة والتنمية» في عدائها للفن والإبداع. والخلق والإبداع كما يعرف الناس لا يستقيمان إلا في مناخ الحرية، حرية التفكير والتعبير والاعتقاد.
الأحداث المغربية.