حين تفرغ الحسابات البنكية لبعض الصحفيين الإسبان والفرنسين، وتحتاج لملئها ببضعة آلاف من الأوروهات، يصبح ملك المغرب موضوعا لنوع من التجارة الصحفية الرخيصة. إنهم تجار قيم “الديمقراطية وحقوق الإنسان”، الذين ما تزال تحكمهم عقدة الاستعمار ويتلذذون بالتعالي في إعطاء الدروس للآخرين.
ومهما يكن من أمر، فأمر هؤلاء معروف بيننا، وإن كان بين ظهرانينا من يحتفي بخربشاتهم كما لو كانت إنجازا علميالا يضاهى. لكن جديد هذه الأيام هو بضعة جرائد أنظمة استبدادية وتوتاليتارية، تستعين بدورها بموضة توزيع دروس الوعظ والإرشاد الديمقراطي، عبر بوابة التهجم علي عاهل البلاد في غمرة تفاهات تتساقط علينا من الشمال والشرق.
ما الذي يمكن أن يجمع بين “تشرين” السورية و”لوتون” الجزائرية غير العقدة المرضية تجاه كل ما هو تفوق دمقرطةوتحديث وشفافية في المغرب، إن كتابا تافها يروج هذه الأيام يثير حماسة “لوتون” لتصنع من جارتنا الشرقية قديسا في الديمقراطية والشفافية والنزاهة، وتجعل من المغرب مرتعا للقمع والفساد والاحتكار، حتى وإن كان ملك المغرب، على خلاف الرئيس بوتفليقة، لم يأمر يوما باعتقال أو متابعة أي صحفي كتب عنه بسوء، بل وتسامى عن متابعة صحيفةاتهمته ذات يوم بتلقي رشوة. وحتى وإن كان المغرب متقدما علي دولة الجنرالات في جميع مؤشرات التصنيف العالمي.
ومع ذلك، لقد اعتدنا ذلك من جيراننا في الإعلام الجزائري، فكل من يريد أن يتقرب من أموال الجهاز العسكري المستنزف لخيرات الجزائر، يسب ملك المغرب وشعبه. وما علينا اليوم سوى أن نعتاد من جديد علي ذلك السباب القادم من الشام، عبر صفحات يومية تشرين السورية، التي ربما لا تعرف، أن ملك المغرب يعلم أن للمواقف المبدئية ثمن وكلفة، لذلك وحين اختار المغرب أن يقف إلى جانب الشعب السوري في محنته، ويستنفر أجهزته الدبلوماسية ووجدانها الشعبي في أكبر مسيرة تضامن خارج سوريا، كان يعرف أن النظام الدموي لبشار الأسد، يمكن أن يصاب بالسعار،ويستعين بكل الممكن للتهجم على ملك البلاد ومواطنيه من أبناء الجالية المغربية بسوريا.
سنترك لهم موضتهم، يتلذذ بعضهم بغباوتها، ويفرغ فيها الآخر مكبوتاته، ونستمر في بناء هذا البلد رفقة ملك يضمنخيارنا الديمقراطي، نتعثر أحيانا ونكبو أحيانا أخرى، لكننا نسير بثقة نحو مستقبل، ليس لدى الآخرين لاجرأة ولامقومات، اللحاق بنا نحوه.