عزيز الدادسي
حكم حسن أوريد، رئيس مركز طارق بن زياد للدراسات الإستراتيجية، على الأحزاب السياسية المغربية بالموت، ومنها أحزاب ولدت قبل أن يكون مفكر الوقت بدل الضائع في الوجود ولا عرف دهاليز الدولة التي انتقل إليها من مدشر صغير، وهي أحزاب ناضلت وناورت يوم كان أوريد يتمتع بفرص الدراسة في أحسن المدارس والمعاهد، وأدت الثمن غاليا في إطار الصراع على مراكز السلطة وكان الثمن سجنا ونفيا وغيره قبل أن يتفق الطرفان على ضرورة التأسيس لنموذج جديد يتميز بالتنافس الديمقراطي.
وبجرة قلم شطب على تاريخ وتراث هذه الأحزاب وعلى حاضرها وماضيها وقال إنها تخلت عن مبادئها ومرجعياتها الفكرية، وهذا اتهام خطير لأنه وصف لهذه الأحزاب بأنها خائنة لأن من يتخلى عن مبادئه يعتبر خائنا، أما التخلي عن المرجعية الفكرية فهو رجم بالغيب، لأن تغيير السياسات لا يعني التخلي عن المرجعية الفكرية، لأنه في علم السياسة هناك المرجعية الفكرية التي تؤطر العناوين الكبرى للحزب، وهناك الاستراتيجية التي يحددها الحزب في ممارسته السياسية وهناك التكتيكات المرحلية، فلا يعني أن حزبا تحول من قناعات ثورية إلى الممارسة الديمقراطية أنه تخلى عن مرجعيته الفكرية ولكن راجع أطروحاته بعدما بدت له تغيرات وتحولات عميقة في محيطه.
ويبدو أن أوريد فقد البوصلة في التحليل السياسي ولم يعد أو أنه أصلا لم يكن يميز بين هذه المستويات، وهذا التيه في التحليل هو الذي يجعل يقول إنه سهل على المخزن احتواءها، فهل احتوى النظام الاتحاد الاشتراكي أم أن هذا الأخير وضع خبرته في المعارضة للمساهمة في تسيير الشأن العام؟ وهل تخلى حزب الاستقلال عن مرجعيته التعادلية، ونخمن أن أوريد لا يعرف معنى الأيديولوجية التعادلية، لما شارك في الحكومة ولما خرج للمعارضة؟
وقال أوريد في مداخلة، من الدخول والخروج في الكلام، حول موضوع الأحزاب السياسية والديمقراطية إن هذه الأحزاب السياسية لا تتوفر على الديمقراطية الداخلية، وهذا حكم قيمة لأن صفة الكاتب والمفكر التي يحملها رئيس مركز للدراسات الاستراتيجية تمنعه من ذلك وتفرض عليه أن يقوم بتحقيق دقيق ودراسة ميدانية تتطلب وقتا طويلا من أجل اكتشاف مستويات الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية، وطبعا هي كلمة حق أريد بها باطل لأن بعض الأحزاب فعلا لا تتوفر على هياكل قوية لكن هناك أحزاب لها مؤسسات وقواعد تحكمها.