تحترف جماعة العدل والإحسان الركوب على المآسي، وتدنس بالسياسة الدماء الطاهرة الزكية التي تسيل في الشارع العربي دفاعا عن الحرية والعدل والكرامة. قبل أيام، استغلت الجماعة التضامن الوطني مع الشعب السوري في محنته ضد النظام، لتخرج إلى الشارع وتتسلل بين الأزقة من أجل التضامن، وإن كان هذا السلوك السياسي قديما في فكر الجماعة، فإن الركوب على المحن والمآسي والموت يفتقر إلى حس أخلاقي وقيمي يقفز على إنسانية الإنسان العربي من أجل تسجيل هدف في مرمى السياسة.
لا حاجة للمغاربة بدروس في قضايا التضامن مع الوطن العربي، لأن المغرب هو من علم العرب أن يخرجوا في مسيرات بالملايين، بعد أن كانوا يمشون محتشمين في كل الوطن خوفا من غضب النظام، ويذكر الكثيرون الرسالة البليغة التي حملها الملك على صدره، وهو يستقبل وزير الخارجية الأمريكي السابق، كولن باول، حين وضع شارة كتب عليها «كلنا فلسطين»، وكانت نفسها الشارات التي تقلدها المغاربة الخارجون تضامنا مع فلسطين يومها. فلا حاجة للمغاربة الذين اختلطت دماؤهم بدماء السوريين في حرب تحرير الجولان، إلى من يذكرهم بمواقفهم الثابتة بشأن نضالات العرب في ثوراتهم من أجل الحرية والكرامة.
إن التضامن الحقيقي مع الشعب السوري أن تكف جماعة العدل والإحسان عن المتاجرة بدماء شهدائه وصورهم، من أجل تصريف خطابات سياسية في الداخل لا علاقة لها بالدفاع عن قضايا الشعوب وحقوقها في الخارج. لقد كان الوطن كله، وليس حزبا أو تنظيما أو فئة منه في صف الحرية والعدل وتقرير المصير، وكان المغرب أول بلد عربي يتقدم إلى مجلس الأمن بمشروع قرار لحماية الشعب السوري، وكان المغرب من البلدان العربية التي أعلنت موقفا واضحا وثابتا، من أجل ليبيا وسوريا وقبلهما فلسطين...
لا يحتمل التضامن تأويلا آخر غير هذه القيمة الرمزية والأخلاقية والإنسانية للتضامن، أما أن يتحول إلى وسيلة لتأجيج الوضع وتبليغ رسائل إلى الداخل، والضغط على الدولة للابتزاز والتشهير، فإن الدم العربي في سوريا وغيرها منها براء.