مرة أخرى يعود النقاش حول تقبيل يد الملك، و يعود معه الحديث عن الطقوس "المخزنية"، و عن البروتكول التقليدي...على صفحات الفايسبوك و ما الى ذلك، لماذا في كل مرة يطفو هذا الموضوع و يتحول الى نقاش مركزي يحيد بنا عن النقاش الحقيقي حول الملكية المغربية و عن التطور الذي عرفته و الأفق الذي وضعت نفسها فيه مع المراجعة الشاملة التي عرفها نصوص الدستور الذي استفتي فيه المغاربة يوم فاتح يوليوز، الذي بموجيه انتقلت الملكية من ملكية مستبدة بالسلطة، محتكرة لها، الى ملكية أقرب منها للنظام البرلماني بالنظر لحجم السلط التي تقاسمتها مع السلطة التنفيذية و مع السلطة التشريعية التي أصبحت بصفة نهائية في يد ممثلي الشعب......

لست هنا في حاجة الى التذكير بالمضامين التي أصبح الدستور يحتويها، لان المغاربة قالوا كلمتهم بعد النقاش الواسع الذي تم من خلال اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور التي قادت نقاشا وطنيا مؤسسا على قاعدة الانفتاح و الاستماع للجميع باستثناء من كان لهم موقف آخر من هذا المسلسل ،من اللجنة وكذا من الدستور، مناسبة هذا التذكير بطبيعة الملكية المغربية و التي اعتبرها ذات طبيعة متحركة متحولة، تتحول و تتطور بتطور المجتمع و مطالبه، غير جامدة و غير رافضة للإصلاح بل اعتبرت طيلة 20 سنة الماضية و التي دشن فيها المغرب مسلسل "التحول الديموقراطي" انها جزء من هذا الخط الاصلاحي، في قلبه و تستطيع التكيف مع جل المتغيرات السياسية و الاجتماعية التي قد يعرفها المغرب و معه المجتمع المغربي بمختلف تمثلاته و فئاته.

مناسبة هذا الحديث ، كما أسلفت سابقا هو عودة النقاش حول تقبيل يد الملك، و حول الذين يختارون السلام عليه بالانحاء على يد الملك لتقبيلها....و حول البروتكول المواكب للاستقبال الملكي الذي يخصصه لبعض مسؤولي الدولة ، و كنت أتساءل و أردت تقاسم هذا التساؤل مع القراء، هل تقبيل يد الملك هو اجباري؟ هل يجبر كل من استقبله الملك على تقبيل يده؟ و اذا لم يقبلها يكون عرضة للمضايقات و للاختطاف او للاعتقال..... يعاقب بأي شكل من أشكال العقاب سواء كانت مادية أو نفسية؟ و تساءلت أيضا أثناء البرتوكول الذي يخضع له كل من سيستقبل رسميا من قبل الملك هل يخبر بضرورة تقبيل يد الملك؟ أم ان الامر يبقى كله اختياري و طوعي و الناس هم من يختارون نقبيل يده و الانحاء عليها من أجل تقبيلها؟

انها اسالة يجب اليوم ان نطرحها، و ان نتوجه بها لكل الشخصيات الذين استقبلهم الملك هل طلب منهم ذلك؟ و عندما لا يقبلون يد الملك هل يتعرضون بعدها لأي لوم؟ أو تهديد؟ ام انهم يعودون لمنازلهم كما جاؤوا دون ان يسأل او يساءلهم أي كان حول سبب السلام على الملك بالاحترام الذي يجب أن يتم التوجه اليه به، لكن دون تقبيل اليد؟ حتى نحسم مع هذا النقاش و ننتبه للمواضيع الجدية التي يجب اثارتها اولها المستقبل الديموقراطي لمؤسسات المغرب أولها المؤسسة الملكية؟

أكيد، اننا و في جل اللحظات الكثيرة التي يثار فيها هذا الموضوع، لا يخرج علينا أحد و يخبرنا هل حدثوه عن طريقة سلام الملك أم لا؟ خصوصا و أن التعلل بالخوف لم يعد مطروحا مادام جدار الخوف قد انهار بصفة نهائية و أصبح الجميع متحررا ليعبر عما يريد، و ليحدث المغاربة و هو جالس في منزله و يطل عليهم من اليوتوب ليقول أي شيء حتى و لو كان مجرد كلام فارغ لا أساس له، و لا منطق فيه...

لقد شاهدنا جميعا كيف أنه في كل مرة و عند استقبال الملك لبعض الشخصيات، أنه يسلم عليهم بشكل عاد دون أن يوحي لهم بتقبيل يده، لكن اذا كان هناك من هو متعود على الانحاء حتى و لو كان ليس مطلوبا منه ذلك، اذا كان هناك من المتملقين من يريدون اظهار الولاء......فالعيب ليس في الملك العيب في هؤلاء، و هم الأولى بالمساءلة و ليس الملك.

احيانا كثيرة نتوجه بالنقد للجهة الخطأ دون أن ندرك ذلك، و احيانا كثيرة نثير نقاشات هي غير مطروحة في الاصل الملكية البرلمانية لا تبنى بهذا الشكل بل تحتاج الى تمتين الثقة بين مختلف المؤسسات و أولها المؤسسة الملكية.